للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّكَالِيفِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ (فيه) (١) أَنْ يُوقِفَ (عِنْدَهُ) (٢) وَيَعْزِلَ عَنْهُ النَّظَرَ الِاجْتِهَادِيَّ جُمْلَةً، وَأَنْ يُوكَلَ إِلَى وَاضِعِهِ وَيُسَلَّمَ لَهُ فيه، سواء عَلَيْنَا أَقُلْنَا: إِنَّ التَّكَالِيفَ مُعَلَّلَةٌ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، أَمْ لَمْ نَقُلْهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا قَلِيلًا مِنْ مَسَائِلِهَا/ ظَهَرَ فِيهَا مَعْنًى فَهِمْنَاهُ مِنَ الشَّرْعِ، فَاعْتَبَرْنَا بِهِ أَوْ شَهِدْنَا فِي بَعْضِهَا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ، فَلَا حَرَجَ حِينَئِذٍ، فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَلَا بُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ، فَهُوَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لِلْمُتَفَقِّهِ فِي الشَّرِيعَةِ والوَزَر (٣) الْأَحْمَى.

وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (كُلُّ عِبَادَةٍ لَمْ يَتَعَبَّدْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تعبَّدوها؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَدَعْ لِلْآخِرِ مَقَالًا، فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا بِطَرِيقِ مَنْ كَانَ قبلكم)، ونحوه لابن مسعود أيضاً (٤).


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) في (م): "عند".
(٣) الوزر بفتح الواو والزاي: هو الملجأ. انظر: لسان العرب مادة (وزر).
(٤) أثر حذيفة بن اليمان أخرجه ابن المبارك في الزهد (٤٧) وبنحوه ابن أبي شيبة في المصنف (١٦٦٥١ و١٨٩٨٥)، والبخاري (٧٢٨٢)، نحوه مختصراً، وابن وضاح في البدع والنهي عنها (١٠ و١١ و١٢ و١٥ و١٦)، وعبد الله في السنة (١٠٦)، ومحمد بن نصر المروزي في السنة (٨٦ و٨٧)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (١٨٠٩)، وابن بطة في الإبانة (١٩٦ و١٩٧)، واللالكائي (١١٩)، وأبو نعيم في الحلية (١ ٢٨٠)، والخطيب في تاريخه (٣ ٤٤٦). وهذا النص يظهر أن الشاطبي أخذه من الطرطوشي في كتابه الحوادث والبدع كما في (ص٢٩٨).
وأثر ابن مسعود أخرجه وكيع في الزهد (٣١٥) بلفظ: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وكل بدعة ضلالة)، وعنه أحمد في الزهد (ص٢٠٢)، والدارمي برقم (٢٠٥)، وابن وضاح في البدع والنهي عنها برقم (١٤)، والطبراني في الكبير برقم (٨٧٧٠)، وابن بطة برقم (١٧٥)، ومحمد بن نصر المروزي في السنة برقم (٧٨)، واللالكائي برقم (١٠٤)، والبيهقي في المدخل (٢٠٤)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (١ ٢١٨)، كلهم من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود، وأخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم برقم (٥٤) عن جرير عن العلاء عن حماد عن إبراهيم، قال: قال عبد الله بن مسعود .. ، بنحوه، وأخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (١٢) من طريق قتادة عن ابن مسعود، بنحوه.