للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ

إِذا ثَبَتَ هَذَا رَجَعْنَا مِنْهُ إِلى مَعْنَى آخَرَ فَنَقُولُ:

إِذا تَبَيَّنَ (١) أَن لِلرَّاسِخِينَ طَرِيقًا يَسْلُكُونَهَا فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وأَن الزَّائِغِينَ على طريق (٢) غير طريقهم؛ احتجنا (٣) إِلى بيان الطريق التي سلكها هؤلاء لنَجْتَنِبَها (٤)، كما بُيِّن (٥) الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا الرَّاسِخُونَ لِنَسْلُكَهَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَهل أُصول الْفِقْهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهِ، وَلَمْ يَبْسُطُوا الْقَوْلَ فِي طَرِيقِ الزَّائِغِينَ، فَهَلْ يُمْكِنُ حَصْرُ مَآخِذِهَا أَوْ (٦) لَا؟ فَنَظَرْنَا فِي آيَةٍ أُخرى تَتَعَلَّقُ بِهِمْ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّاسِخِينَ، وهي (٧) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (٨): {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٩)، فأَفادت الْآيَةُ أَن طَرِيقَ الْحَقِّ وَاحِدَةٌ، وأَن لِلْبَاطِلِ طُرُقًا مُتَعَدِّدَةً لَا وَاحِدَةً، وَتَعَدُّدُهَا لَمْ ينحصر بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ. وَهَكَذَا الْحَدِيثُ المفسِّر لِلْآيَةِ، وَهُوَ قول ابن مسعود رضي الله عنه: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يوماً (١٠) خَطًّا؛ فَقَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"، ثُمَّ خَطَّ لَنَا خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَقَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ، على (١١) كل (١٢) سبيل منها شيطان (١٣) يدعو


(١) قوله: "إذا تبين" ليس في (خ).
(٢) قوله: "طريق" من (خ) فقط.
(٣) في (خ): "فاجتمعنا".
(٤) في (خ): "لنتجنبها".
(٥) في (خ): "نبين".
(٦) في (غ) و (ر): "أم لا".
(٧) في (م): "وهو".
(٨) في (خ): "قوله تعالى".
(٩) سورة الأنعام: الآية (١٥٣).
(١٠) قوله: "يوماً" ليس في (خ) و (م).
(١١) قوله: "على" سقط من (م).
(١٢) من قوله: "سبيل الله" إلى هنا سقط من (خ)، وحاول رشيد رضا إصلاحه، وعلَّق عليه بقوله: "كان الحديث محرّفاً، وفيه حذف".
(١٣) في (خ): "عليه شيطان".