يُعَدُّ كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي أحسن ما أُلِّف في التحذير من البدع وبيان أحكامها، فلا نكاد نجد كتاباً تناول البدعة وأحكامها كما تناولها هذا الكتاب، وأغلب من ألف في هذا الموضوع بعد الإمام الشاطبي استفاد منه وتأثر به تأثراً واضحاً.
وتقدم ذكر كلام المؤلف في إشارته إلى من سبقه ممن كتب في هذا الموضوع، وبيَّن أنها قليلة وغير كافية في هذا الموضوع (١).
وقد فاق هذا الكتاب غيره من الكتب في هذا الموضوع بأمورِ عِدَّة، من أهمها:
١ - دقة المؤلف في تعريف البدعة، حيث عرفها بتعريف دقيق، ثم شرح التعريف شرحاً وافياً حدد به معنى البدعة على وجه الدقة، وأزال به ما يقع للكثير من اللبس وعدم التفريق بين البدع والمحرمات بل والمباحات.
٢ - سعة جمعه للأدلة في الحث على السنة والنهي عن البدعة، سواء من الآيات أو الأحاديث أو الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، ودراسة هذه الأدلة والنقول دراسة دقيقة تنبئ عن دِقَّةٍ في الاستنباط، وبراعة في الفهم.
٣ - حسن ترتيب المؤلف لموضوعات الكتاب، وتقسيمه له على أبواب وفصول ومسائل، وتدرجه في ترتيب هذه الأبواب بحسب موضوعاتها مما يعين القارئ على الفهم والاستيعاب.