للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ

وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مَسَائِلُ

إِحْدَاهَا (١): أَن تحريم الحلال وما أَشبه ذلك يُتَصَوَّر على (٢) أَوجه:

الأَول: التَّحْرِيمُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ الْوَاقِعُ مِنَ الْكُفَّارِ، كالبَحِيْرَةِ، والسَّائِبَةِ، والوَصِيْلَةِ، والحَامِي، وَجَمِيعِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى تحريمَه عَنِ الْكَفَّارِ بالرأْي المَحْض. ومنه قول الله تبارك وتعالى (٣): {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} (٤)، وَمَا أَشبهه مِنَ التَّحْرِيمِ الْوَاقِعِ فِي الإِسلام رأْياً مجرَّداً.

والثاني (٥): أَن يَكُونَ مجرَّدَ تركٍ لَا لِغَرَضٍ؛ بَلْ لأَن النفس تكرهه بطبعها، أَو لا تتذكَّره (٦) حَتَّى تَسْتَعْمِلَهُ، أَو لَا تَجِدُ ثَمَنَهُ، أَو تشتغل بما هو آكد منه (٧)، أَو ما (٨) أَشبه ذَلِكَ. وَمِنْهُ تَرْكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَكل الضَّبّ لِقَوْلِهِ فِيهِ: "إِنه لَمْ يَكُنْ بأَرض قَوْمِي، فأَجدني أَعافه" (٩)، وَلَا يُسَمّى مِثْلُ هَذَا تَحْرِيمًا؛ لأَن التَّحْرِيمَ يَسْتَلْزِمُ القصد إِليه، وهذا ليس كذلك.

والثالث (١٠): أَن يَمْتَنِعَ لنَذْرهِ التحريمَ، أَو مَا يَجْرِي مجرى النذر من


(١) في (خ): "أحدهما"، وفي (م): "أحدها".
(٢) في (خ): "في" بدل "على".
(٣) في (خ): "ومنه قوله تعالى"، وفي (م): "ومنه قول الله تعالى".
(٤) سورة النحل: الآية (١١٦).
(٥) في (خ) و (م): "الثاني".
(٦) في (خ): "تكرهه".
(٧) قوله: "منه" ليس في (خ) و (م).
(٨) في (خ): "وما".
(٩) أخرجه البخاري (٥٣٩١ و٥٥٣٧)، ومسلم (١٩٤٥ و١٩٤٦).
(١٠) في (خ) و (م): "الثالث".