للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشاعرة الذين ينفون رؤية الله في جهةٍ، بناءً على نفيهم العلو والفوقية له سبحانه (١).

قال الإمام ابن أبي العز (٢): "ومن قال: يرى لا في جهة فليراجع عقله، فإما أن يكون مكابراً لعقله وفي عقله شيء، وإلا فإذا قال يرى لا أمام الرائي، ولا خلفه، ولا عن يمينه، ولا عن يساره، ولا فوقه، ولا تحته؛ رد عليه كل من سمعه بفطرته السليمة، ولهذا ألزم المعتزلة من نفي العلو بالذات بنفي الرؤية، وقالوا كيف تعقل رؤية بلا مقابلة بغير جهة ... ".

ثالثاً: مسألة الاستواء:

قال رحمه الله أثناء حديثه عن المتشابهات: "وأما مسائل الخلاف وإن كثرت، فليست من المتشابهات بإطلاق، بل فيها ما هو منها، وهو نادر، كالخلاف الواقع فيما أمسك عنه السلف الصالح، فلم يتكلموا فيه بغير التسليم له والإيمان بغيبه المحجوب أمره عن العباد؛ كمسائل الاستواء وأشباه ذلك، وحين سلك الأولون فيها مسلك التسليم، وترك الخوض في معانيها، دل على أن ذلك هو الحكم عندهم فيها، وهو ظاهر القرآن، لأن الكلام فيما لا يحاط به جهل، ولا تكليف يتعلق بمعناها" (٣).

وقال في موضع آخر -مبيناً لقوله: لا تكليف يتعلق بمعناها-: "المراد أن يتعلق تكليف بمعناه المراد عند الله تعالى، وقد يتعلق به التكليف من حيث هو مجمل، وذلك بأن يؤمن أنه من عند الله، وبأن يجتنب فعله إن كان أفعال العباد، ويجتنب النظر فيه إن كان غير أفعال العباد كقوله:


(١) انظر قول الأشاعرة في: "الملل والنحل" للشهرستاني (ص ١٠٠)، "الإنصاف" للباقلاني (ص ٧٢ - ٧٤، ٢٥٢)، "أصول الدين" للبغدادي (ص ٩٧ - ١٠٢).
وانظر في رد أهل السنة عليهم: "الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (١٦/ ٨٤، ٨٧)، "درء تعارض العقل والنقل" له أيضاً (١/ ٢٥٠)، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز (ص ١٩٥).
(٢) "شرح الطحاوية" (ص ١٩٥).
(٣) "الموافقات" للشاطبي (٣/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>