للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ (١)

وَيُمْكِنُ أَن يَدْخُلَ فِي الْبِدَعِ الإِضافية كُلُّ عَمَلٍ اشْتَبَهَ أَمره فَلَمْ يتبيَّن: أَهو بِدْعَةٌ فيُنْهَى عَنْهُ؟ أَم غَيْرُ بِدْعَةٍ فيُعمل به؟ فإِنا إِذا اعتبرناه بالأَحكام الشرعية وجدناه من المشتبهات التي نُدِبنا (٢) إِلى تَرْكِهَا حَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ (٣)، وَالْمَحْظُورُ هُنَا هُوَ الْعَمَلُ بِالْبِدْعَةِ. فإِذاً العاملُ بِهِ لَا يَقْطَعُ أَنه عَمِلَ بِبِدْعَةٍ، كَمَا أَنه (٤) لَا يَقْطَعُ أَنه عَمِلَ بسُنَّة، فَصَارَ مِنْ جِهَةِ هَذَا التَّرَدُّدِ غَيْرَ عَامِلٍ بِبِدْعَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَلَا يُقَالُ أَيضاً: إِنه خَارِجٌ عَنِ الْعَمَلِ بِهَا جُمْلَةً.

وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَن النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي الْمُشْتَبِهَاتِ (٥) إِنما هُوَ حِمَايَةٌ أن يوقع (٦) فِي ذَلِكَ الْمَمْنُوعِ الْوَاقِعِ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ، فإِذا اخْتَلَطَتِ الْمَيْتَةُ بالذَّكِيَّة نَهَيْنَاهُ عَنِ الْإِقْدَامِ، فإِن أَقدم أَمكن عِنْدَنَا أَن يَكُونَ آكِلًا لِلْمَيْتَةِ (٧) فِي الِاشْتِبَاهِ (٨)؛ فَالنَّهْيُ الأَخف إِذاً مُنْصَرِفٌ نَحْوَ الْمَيْتَةِ فِي الِاشْتِبَاهِ، كَمَا انْصَرَفَ إِليها النَّهْيُ الأَشدّ في التحقُّق.


(١) هذا الفصل هو بداية الجزء الثاني من نسخة (خ)، وجاء في بداية الجزء قبل ذكر الفصل ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم. صلى الله على سيدنا محمد وسلم".
ومن بداية هذا الجزء ابتدأت نسخة (ت)، وأولها قبل ذكر الفصل ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال العلامة النحرير، ناصر السنة، ولسان الدين، النظار، المحقق، الشيخ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى، آمين".
(٢) في (خ): "ندبني ندبنا".
(٣) يشير إلى قوله صلّى الله عليه وسلّم: "الحلال بَيِّن، والحرام بَيِّن، وبينهما مُشَبَّهات لا يعلمها كثير من الناس ... " الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٥٢)، ومسلم برقم (١٥٩٩).
(٤) قوله: "أنه" ليس في (ت).
(٥) في (ر) و (غ): "المتشابهات".
(٦) في (خ) و (ت): "يقع". بدل "يوقع".
(٧) في (ر) و (غ): "الميتة".
(٨) قوله: "في الاشتباه" ليس في (غ) و (ر).