للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائل الفروع الاجتهادية، فالخلاف في مسائل الفروع مستساغ، ولكنه في مسائل العقيدة مذموم، ولا يعذر أحد في ترك الحق الذي سار عليه أهل السنة والجماعة الذين أثبتوا معاني هذه الصفات على ما يليق بجلال الله سبحانه، وفوضوا كيفيتها إلى الله تعالى، ويجب توضيح الحق لمن خالف منهجهم ورد هذه الصفات أو صرفها عن ظاهرها لتقوم عليه الحجة ويقطع عذره أمام الله تعالى.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام الشاطبي رغم تأثره بالفكر الأشعري إلا أنا نجده يقدم النقل على العقل، ويعدُّ الدليل حاكماً على العقل بإطلاق (١)، ويذم طريقة الفلاسفة ومنهجهم (٢).

وأين هذا الموقف من موقف متعصبي الأشاعرة الذين يرون تقديم العقل على النقل عند التعارض (٣).

وسوف أذكر الآن موقف الشاطبي من بعض المسائل العقدية التي تأثر فيها بعقيدة الأشاعرة وذلك من خلال كلامه رحمه الله:

أولاً: مسألة كلام الله تعالى:

قال الشاطبي رحمه الله في معرض رده على المعتزلة (٤) الذين كان من شبههم في نفي صفة الكلام عن الله تعالى قولهم: فَالْكَلَامُ لَا يُعْقَلُ إِلَّا بِأَصْوَاتٍ وَحُرُوفٍ، وَكُلُّ ذلك من صفات المحدثات .. ، قال: "وَأَمَّا كَوْنُ الْكَلَامِ هُوَ الْأَصْوَاتُ وَالْحُرُوفُ، فَبِنَاءً عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ فِي الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، وَهُوَ مذكور في الأصول" (٥).


(١) انظر: "الاعتصام" (١/ ٣١٨).
(٢) انظر كلامه في ذمهم في: "الموافقات" (١/ ٥٥ - ٥٦، ٥٨، ٥٩ - ٦٠)، (٢/ ٤٠٥)، و"النص المحقق" (ص ٧١).
(٣) وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه: "درء تعارض العقل والنقل" في الرد على هذا القول الباطل.
(٤) سيأتي التعريف بهم. انظر النص المحقق (ص ٣٠).
(٥) انظر: "الاعتصام" (٢/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>