للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَهُمُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، (واتبعوهم) (١) (بالمحدثين وقالوا ما شاؤوا وجروا) (٢) فِي الطَّعْنِ عَلَى الْحَدِيثِ جَرْيَ مَنْ لَا يرى عليه محتسباً في الدنيا ولا محسباً فِي الْآخِرَةِ.

وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَالْجَوَابِ عَمَّا اعْتَرَضُوا فِيهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابَيْنِ (٣) صَنَّفَهُمَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُمَا مِنْ مَحَاسِنِ كُتُبِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَمْ (أرد) (٤) (قصَّ بعض تلك الاعتراضات تنزيهاً للمُعْتَرَض فيه) (٥)، ولأن غَيْرِي ـ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ـ قَدْ تَجَرَّدَ لَهُ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ بِالْحِكَايَةِ عَنْهُمْ عَلَى الْجُمْلَةِ بَيَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (تُجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ) وَقَبْلُ وَبَعْدُ فَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ إِذَا اسْتَحْكَمَتْ فِيهِمْ أَهْوَاؤُهُمْ لَمْ يُبَالُوا بِشَيْءٍ، وَلَمْ يُعِدُّوا خِلَافَ أَنْظَارِهِمْ شَيْئًا، وَلَا رَاجَعُوا عُقُولَهُمْ مُرَاجَعَةَ مَنْ يَتَّهِمُ نَفْسَهُ وَيَتَوَقَّفُ فِي مَوَارِدِ الْإِشْكَالِ ـ وَهُوَ شَأْنُ الْمُعْتَبَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ ـ وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ مَنِ اتَّبَعَ (هَوَاهُ) (٦) / ولم يعبأ بعذل العاذل فيه، (وثمَّ) (٧) أصناف أخر يجمعهم مَعَ هَؤُلَاءِ إِشْرَابُ الْهَوَى فِي قُلُوبِهِمْ، حَتَّى لا يبالوا بغير ما هم عَلَيْهِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ بِالتَّمْثِيلِ، صِرْنَا منه إلى معنى آخر، وهي:

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ (٨):

إِنَّ قَوْلَهُ: (تَتَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ) فِيهِ الْإِشَارَةُ بِـ (تِلْكَ) فَلَا تكون


(١) في (غ) و (ر): "وأتبعوه".
(٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "بالحدس قالوا ما شان أو جروا".
(٣) كتابا ابن قتيبة هما: تأويل مشكل القرآن، وتأويل مختلف الحديث.
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "أرى".
(٥) في (ط) و (خ) و (م): "قط تلك الاعتراضات تعزيلها للمعترض فيه". وفي (ت): بياض بمقدار سطر ونص.
(٦) في (غ) و (ر): "هويه".
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "ثم".
(٨) في (ت) و (خ) و (م): "عشر".