للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمؤلف يرى أن في قول الأشاعرة بالكلام النفسي مخرجاً من هذا الإشكال الذي أورده المعتزلة.

وقال أيضاً: "وهل للقرآن مأخذ في النظر على أن جميع سوره كلام واحد بحسب خطاب العباد، لا بحسبه في نفسه؟ فإن كلام الله في نفسه كلام واحد لا تعدد فيه بوجه ولا باعتبار حسبما تبين في علم الكلام" (١).

وقال أيضاً: "كتاب الله هو أصل الأصول والغاية التي تنتهي إليها أنظار النظار، ومدارك أهل الاجتهاد، وليس وراءه مرمى، لأنه كلام الله القديم" (٢).

وهذا الكلام للشاطبي موافق لقول الأشاعرة في المسألة (٣).

ثانياً: مسألة رؤية الله تعالى يوم القيامة:

قال الإمام الشاطبي في معرض رده على الذين أنكروا خوارق العادات "وَالسَّابِعُ: رُؤْيَةُ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ جَائِزَةٌ، إِذْ لَا دَلِيلَ فِي الْعَقْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا رُؤْيَةَ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ عِنْدَنَا، إِذْ يُمْكِنُ أَنْ تَصِحَّ الرُّؤْيَةُ عَلَى أَوْجُهٍ صَحِيحَةٍ لَيْسَ فِيهَا اتِّصَالُ أَشِعَّةٍ، وَلَا مُقَابَلَةٌ وَلَا تَصَوُّرُ جِهَةٍ وَلَا فَضْلُ جِسْمٍ شَفَّافٍ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْعَقْلُ لَا يَجْزِمُ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ بَدِيهَةً، وَهُوَ إِلَى الْقُصُورِ فِي النَّظَرِ أَمْيَلُ، وَالشَّرْعُ قَدْ جَاءَ بِإِثْبَاتِهَا، فَلَا مَعْدِلَ عن التصديق" (٤).

وهذا النص واضح في إثبات الإمام الشاطبي للرؤية على طريقة


(١) "الموافقات" (٣/ ٢٢٤).
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر كلام الأشاعرة في هذه المسألة في: "كتاب أصول الدين" للبغدادي (ص ١٠٦ - ١٠٨)، "الإرشاد" للجويني (ص ١٢٨ - ١٣٧)، "الإنصاف" للباقلاني (ص ٩٦ - ٩٧)، "شرح الباجوري على الجوهرة" (ص ٦٤ - ٦٦، ٨٤).
وانظر في رد أهل السنة عليهم: "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (١٢/ ٥٧٩ - ٥٨١) (٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، "مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم (٢/ ٤٢٦)، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز (ص ١٨٤ - ١٨٨).
(٤) انظر: "الاعتصام" (٢/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>