كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني

الباب السادس في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة - فصل - ج: 2 - ص: 357

[فصل]

وإِذا كَانَ كَذَلِكَ: فَالْبِدَعُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي، وَقَدْ ثَبَتَ التَّفَاوُتُ فِي الْمَعَاصِي، فَكَذَلِكَ يُتَصَوَّر مِثْلُهُ فِي الْبِدَعِ. فَمِنْهَا (١): مَا يَقَعُ فِي رتبة (٢) الضَّرُورِيَّاتِ؛ أَي: أَنه إِخلال بِهَا، وَمِنْهَا: مَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الحاجِيَّات، وَمِنْهَا: مَا يَقَعُ في رتبة التحسينيَّات، وَمَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ: مِنْهُ (٣) مَا يَقَعُ فِي الدِّينِ، أَو النَّفْسِ، أَو النَّسْلِ، أَوِ الْعَقْلِ، أَو الْمَالِ.

فَمِثَالُ وُقُوعِهِ فِي الدِّينِ: مَا تَقَدَّمَ مِنِ اخْتِرَاعِ الْكُفَّارِ وَتَغْيِيرِهِمْ (٤) ملة إِبراهيم عليه السلام، في نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} (٥).

فَرُوِيَ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا أَقوال كَثِيرَةٌ، وَفِيهَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ (٦): أَن الْبَحِيرَةَ مِنَ الإِبل: هي التي يُمْنَعُ (٧) دَرُّها للطواغيت، والسائبة: هي التي

---

(١) في (م): "فمنهما".
(٢) قوله: "رتبة" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٣) في (خ) و (م): "ومنه"، وفي (ت): "ومنها".
(٤) في (خ) و (م): "وتغيرهم".
(٥) سورة المائدة: الآية (١٠٣).
(٦) أخرجه البخاري (٤٦٢٣)، ومسلم (٢٨٥٦)، وابن جرير في "تفسيره" (١١/ ١٣١) رقم (١٢٨٤٠).
قال الأستاذ محمود شاكر ـ رحمه الله ـ في تحقيقه لـ"تفسير ابن جرير": "في المطبوعة والمخطوطة: "يمنع" بالعين، وصوابه بالحاء".اهـ. كذا قال؛ وفيه نظر. قال أبو عبيدة: كانوا يحرمون وبرها ولحمها وظهرها ولبنها على النساء، ويحلون ذلك للرجال، وما ولدت فهو بمنزلتها، وإن ماتت اشترك الرجال والنساء في أكل لحمها. انظر "الفتح" (٨/ ٢٨٤).
(٧) في (ت) و (خ): "يمنح"، وفي باقي النسخ: "يمنع" بالعين، وكتب بجوارها بهامش (م):=