للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

أَفعال الْمُكَلَّفِينَ ـ بِحَسَبِ النَّظَرِ الشَّرْعِيِّ فِيهَا ـ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَن تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ التعبُّدات.

وَالثَّانِي: أَن تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْعَادَاتِ.

فأَما الأَول: فَلَا نَظَرَ فِيهِ هَاهُنَا.

وأَما الثَّانِي ـ وَهُوَ الْعَادِيُّ ـ: فَظَاهِرُ النَّقْلِ عَنِ السَّلَف الأَوَّلين أَن المسأَلة مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يُرشِدُ كلامُه إِلى أَن الْعَادِيَّاتِ كَالْعِبَادِيَّاتِ، فَكَمَا أَنا مأَمورون فِي الْعِبَادَاتِ بأَن لا نُحْدِثَ فيها، فكذلك في (١) الْعَادِيَّاتُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسلم (٢)، حَيْثُ كَرِه فِي سُنَّة الْعَقِيقَةِ مُخَالَفَةَ مَنْ قَبِلَهُ فِي أَمرٍ عاديٍّ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ المَنَاخِل، مَعَ الْعِلْمِ (٣) بأَنه مَعْقُولُ الْمَعْنَى، نَظَرًا مِنْهُ ـ وَاللَّهُ أَعلم ـ إِلى أَن الأَمر بِاتِّبَاعِ (٤) الأَوّلين ـ عَلَى الْعُمُومِ ـ غَلَبَ عَلَيْهِ جِهَةُ التَّعَبُّدِ، وَيَظْهَرُ أَيضاً مِنْ كَلَامِ مَنْ قَالَ: أَول مَا أَحدث النَّاسُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنَاخِلُ (٥).

ويُحكى عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبي (٦) راشد أَنه قال: لولا أن أخالف (٧) مَنْ كَانَ قَبْلِي؛ لَكَانَتِ الجَبَّانَةُ (٨) مَسْكَنِي إِلى أَن أَموت (٩).


(١) قوله: "في" من (ر) و (غ) فقط.
(٢) تقدم تخريجه صفحة (٤١٧ ـ ٤١٨).
(٣) قوله: "مع العلم" مكرر في (ر).
(٤) في (ت): "إلى أن اتباع".
(٥) راجع صفحة (٤١٧ ـ ٤١٨ و٤٢٥ ـ ٤٢٦).
(٦) قوله: "أبي" سقط من (ر) و (غ).
(٧) في (م): "لولا أني أخالف" وفي (خ) و (ت): "لولا أني أخاف".
(٨) الجَبَّانَةُ: الصحراء. انظر "لسان العرب" (١٣/ ٨٥).
(٩) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٧٧) من طريق أبيه، عن عبد الله بن محمد بن عمر،=