للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَابُ الثَّامِنُ

فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبِدَعِ وَالْمَصَالِحِ المرسلة والاستحسان

هَذَا الْبَابُ يُضْطَرُّ إِلَى الْكَلَامِ فِيهِ عِنْدَ النَّظَرِ فِيمَا هُوَ/ بِدْعَةٌ وَمَا لَيْسَ بِبِدْعَةٍ؛ فإن كثيراً من الناس عدُّوا أكثر (صور) (١) الْمَصَالِحِ/ الْمُرْسَلَةِ (٢) بِدَعًا، وَنَسَبُوهَا إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَعَلُوهَا حُجَّةً فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ (مِنْ) (٣) اخْتِرَاعِ الْعِبَادَاتِ.

وَقَوْمٌ جَعَلُوا الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ بِأَقْسَامِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؛ فَقَالُوا: إِنَّ مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ، وعدُّوا مِنَ الْوَاجِبِ كَتْبَ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ، وَمِنَ الْمَنْدُوبِ الِاجْتِمَاعُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى اعْتِبَارِ الْمُنَاسِبِ (٤) الَّذِي لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا شاهد شرعي على الخصوص،


(١) ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(٢) اختلفت تعريفات الأصوليين للمصلحة المرسلة، وأفضلها هو تعريف الشاطبي والذي سيأتي في (ص٨)، والموافقات (١ ١٦)، وانظر بقية التعريفات في المراجع التالية: المستصفى للغزالي (١ ٢٨٦)، وروضة الناظر (ص١٤٨)، ومعالم طريقة السلف في أصول الفقه (ص٤١٣ ـ ٤١٨)، رحلة الحج للشنقيطي (ص١٧٥)، رسالة المصالح المرسلة للشنقيطي، منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام (ص٣٤٠ ـ ٣٤٨)، وهي رسالة ماجستير بجامعة أم القرى إعداد عبد الرحمن السديس. وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام مهم في المصالح المرسلة والعمل بها في مجموع الفتاوى (١١ ٣٤٢).
(٣) في (م): كلمة غير واضحة.
(٤) المناسب سيذكره الشاطبي مشروحاً (ص٧).