للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا كونه (مناسباً) (١) بِحَيْثُ إِذَا عُرِضَ عَلَى الْعُقُولِ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْبِدَعِ الْمُسْتَحْسَنَةِ؛ فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أُمُورٍ فِي الدِّينِ مَصْلَحِيَّةٍ ـ فِي زَعْمِ وَاضِعِيهَا ـ فِي الشَّرْعِ عَلَى الْخُصُوصِ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ كَانَ اعْتِبَارُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ حَقًّا، فَاعْتِبَارُ الْبِدَعِ الْمُسْتَحْسَنَةِ حَقٌّ، لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ.

/وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اعْتِبَارُ الْبِدَعِ حَقًّا، لَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، بَلْ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْأُصُولِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

فَذَهَبَ الْقَاضِي (٢) وَطَائِفَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى رَدِّهِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُعْتَبَرُ مَا لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى أَصْلٍ، وَذَهَبَ مَالِكٌ (٣) إِلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ (وَبَنَى) (٤) الْأَحْكَامَ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمُعْظَمُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالْمَعْنَى/ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ، لَكِنْ بِشَرْطِ قُرْبِهِ مِنْ مَعَانِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ، هَذَا مَا حَكَى الْإِمَامُ الْجُوَيْنِيُّ (٥).

وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ إِنْ وَقَعَ فِي رُتْبَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ لَمْ يُعْتَبَرْ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ أصل لمعين، وَإِنْ/ وَقَعَ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيِّ فَمَيْلُهُ إِلَى قَبُولِهِ، لَكِنْ (بِشَرْطٍ) (٦). قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يؤدي إليه اجتهاد/ مجتهد.


(١) في (ط): "قياسا".
(٢) وهو القاضي الباقلاني ووافقه أكثر الشافعية، والمتأخرون من الحنابلة، وبعض الحنفية. انظر: تيسير التحرير (٤ ١٧١)، والإحكام للآمدي (٤ ١٦٠).
(٣) ذهب مالك إلى أنه حجة مطلقاً، وهو منقول عن الشافعي في القديم. انظر: شرح تنقيح الفصول (٤٤٦ ـ ٤٤٧)، وشرح الإسنوي (٣ ١٣٥).
(٤) في (غ) و (ر): "وبناء".
(٥) انظر: البرهان (٢ ١١١٣).
(٦) في (غ) و (ر): "بشروط".