للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَثَلُ الْمَعَاصِي الْوَاقِعَةِ بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوِ اعْتِقَادًا، كَمَثَلِ الْأَمْرَاضِ النَّازِلَةِ بِجِسْمِهِ أَوْ رُوحِهِ، فَأَدْوِيَةُ الْأَمْرَاضِ/ الْبَدَنِيَّةِ/ مَعْلُومَةٌ، وَأَدْوِيَةُ الْأَمْرَاضِ الْعَمَلِيَّةِ التَّوْبَةُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، وَكَمَا أَنَّ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْبَدَنِيَّةِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَاوِي وَمِنْهُ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَاوِي أَوْ يعسر (كالكَلَبِ، كذلك) (١) (في) (٢) أمراض الأعمال، (منها) (٣) مَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّوْبَةُ عَادَةً، (وَمِنْهَا) (٤) مَا لَا يُمْكِنُ.

/فَالْمَعَاصِي كُلُّهَا غَيْرُ الْبِدَعِ يُمْكِنُ فِيهَا التَّوْبَةُ مِنْ أَعْلَاهَا وَهِيَ الْكَبَائِرُ إِلَى أَدْنَاهَا (وَهِيَ) (٥) اللَّمَمُ، وَالْبِدَعُ أَخْبَرْنَا فِيهَا إِخْبَارَيْنِ كِلَاهُمَا يُفِيدُ أَنْ لَا تَوْبَةَ مِنْهَا:

الْإِخْبَارُ الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ فِي ذَمِّ الْبِدَعِ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا تَوْبَةَ لَهُ، مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ.

وَالْآخَرُ: مَا نَحْنُ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ تَشْبِيهُ الْبِدَعِ بِمَا لَا نُجْحَ فِيهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ كَالْكَلْبِ، فَأَفَادَ أَنْ لَا نُجْحَ مِنْ ذَنْبِ الْبِدَعِ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءِ عُمُومٍ، بَلِ اقْتَضَى أَنَّ عَدَمَ التَّوْبَةِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ تُجَارَى بِهِ الْهَوَى كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مِنْ أُولَئِكَ مَنْ (لا) (٦) يَتَجَارَى بِهِ الْهَوَى عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَتَبَيَّنَ الشاهد عليه، ونشأ من ذلك معنى (آخر) (٧) زائد هو من فوائد الحديث ـ وهي:

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:

وَهُوَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْفِرَقِ مَنْ لَا يُشْرَبُ (هَوَى) (٨) الْبِدْعَةِ ذَلِكَ الْإِشْرَابَ، فَإِذًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّوْبَةُ، وَإِذَا أَمْكَنَ فِي أَهْلِ الْفِرَقِ أَمْكَنَ فِيمَنْ خَرَجَ عَنْهُمْ، وهم أهل البدع الجزئية.


(١) في (م): كالكلب لذي. وفي (ط) و (خ) و (ت): كذلك الكلب.
(٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الذي في".
(٣) في (ت): فمنه.
(٤) في (ت): فمنه.
(٥) في (م) و (غ) و (ر): وهو.
(٦) زيادة من (غ) و (ر).
(٧) زيادة من (غ) و (ر).
(٨) في (م): "هو".