للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

قال الله تبارك (١) وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ *} (٢). رُوِيَ (٣) فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَخبار (٤) جُمْلَتُهَا تَدُورُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا أَحل اللَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ تديُّناً، أَو شبه التديُّن، وأَن (٥) الله (٦) نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ اعْتِدَاءً، وَاللَّهُ لَا يحب المعتدين. ثم قرّر الإباحة تقريراً زائداً عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِقَوْلِهِ (٧): {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا}، ثُمَّ أَمرهم بِالتَّقْوَى، وَذَلِكَ مُشْعِرٌ بأَن تَحْرِيمَ مَا أَحل اللَّهُ خَارِجٌ عَنْ دَرَجَةِ التَّقْوَى.

فخرَّج إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ أَبي قِلَابَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَراد نَاسٌ مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَرْفُضُوا الدُّنْيَا، ويتركوا (٨) النساءَ، ويترهَّبوا (٩)، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغلَّظ فِيهِمُ الْمَقَالَةَ، فَقَالَ: "إِنما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالتَّشْدِيدِ؛ شدَّدوا عَلَى أَنفسهم، فشدَّد اللَّهُ عَلَيْهِمْ (١٠)، فأُولئك بَقَايَاهُمْ فِي الدِّيَارِ وَالصَّوَامِعِ، اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وحُجّوا، واعتمروا، واستقيموا يُسْتَقَمْ (١١) بكم" (١٢). قال: ونزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ


(١) قوله: "تبارك" من (ر) فقط.
(٢) سورة المائدة: الآيتان (٨٧، ٨٨).
(٣) قوله: "روي" في موضعه بياض في (غ).
(٤) سيذكرها المصنف فيما يلي.
(٥) قوله: "وأن" ليس في (خ) و (م).
(٦) في (خ) و (م): "والله".
(٧) في (غ) و (ر): "لقوله".
(٨) في (خ) و (م): "وتركوا".
(٩) في (خ) و (م): "وترهبوا".
(١٠) في (ر) و (غ): "فشدد عليهم".
(١١) في (خ) و (م): "يستقيم".
(١٢) قوله: "بكم" سقط من (غ) و (ر).