للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، الَّذِي بِحَمْدِهِ يُسْتَفْتَحُ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ، خَالِقِ الْخَلْقِ لِمَا شَاءَ، وَمُيَسِّرِهِمْ (١) عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ ـ لَا عَلَى وَفْقِ أَغْرَاضِهِمْ ـ لِمَا سَرَّ وَسَاءَ، وَمُصَرِّفِهِمْ بِمُقْتَضَى الْقَبْضَتَيْنِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (٢)، وهاديهم (٣) النَّجْدَيْنِ (٤)، فَمِنْهُمْ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ، وَمُسَوِّيهِمْ عَلَى قَبُولِ الْإِلْهَامَيْنِ (٥) فَفَاجِرٌ وَتَقِيٌّ، كَمَا قَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ بِالْعَدْلِ عَلَى حُكْمِ الطَّرَفَيْنِ، فَفَقِيرٌ وَغَنِيٌّ، كُلٌّ مِنْهُمْ جَارٍ عَلَى ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ فَلَا يَعْدُوهُ، فَلَوْ تمالؤوا (٦) على أن يسدوا ذلك البَثْقَ (٧) لَمْ يَسُدُّوهُ، أَوْ يَرُدُّوا ذَلِكَ (٨) الْحُكْمَ السَّابِقَ لَمْ يَنْسَخُوهُ وَلَمْ يَرُدُّوهُ، فَلَا إِطْلَاقَ لَهُمْ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَلَا انْفِصَالَ {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} (٩).

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى (سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا) (١٠) مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرحمة،


(١) في (ر): "وميسيرهم".
(٢) يشير المؤلف إلى أحاديث القدر مثل حديث أنس عند أبي يعلى "إن الله قبض قبضة فقال: هذه إلى الجنة برحمتي، وقبض قبضة فقال: هذه إلى النار ولا أبالي"، انظر مسند أبي يعلى (٦/ ١٤٤)، وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة تحت رقم (٤٧).
(٣) هكذا في (غ) و (ر)، وفيه بقية النسخ: "وهداهم".
(٤) يشير إلى قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ *} سورة البلد: آية (١٠) وهما الطريقان: طريق الخير وطريق الشر. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ١٨٠).
(٥) يريد قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *}، سورة الشمس: آية (٨).
(٦) مالأه على كذا (ممالأة): ساعده، وتمالؤا على الأمر اجتمعوا عليه. الصحاح للجوهري (١/ ٧٣).
(٧) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "السبق". قال في القاموس ص٨٦٥: "بثق النهر .. : كسر شطة لِينبثق الماء، واسم ذلك الموضع: البَثْق".
(٨) ساقطة من (غ).
(٩) سورة الرعد، آية (١٥).
(١٠) ما بين المعكوفين ساقطة من (ت) و (غ) وأصل (خ)، وهو مثبت في هامش (خ).