للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فصل

وَأَمَّا الِاسْتِحْسَانُ (١)، فَلِأَنَّ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَيْضًا تَعَلُّقًا بِهِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِحْسَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا (بمستحسِن) (٢)، وَهُوَ إِمَّا الْعَقْلُ أَوِ الشَّرْعُ.

أَمَّا الشَّرْعُ فَاسْتِحْسَانُهُ وَاسْتِقْبَاحُهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ اقْتَضَتْ ذَلِكَ، فَلَا فَائِدَةَ لِتَسْمِيَتِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَا لِوَضْعِ تَرْجَمَةٍ لَهُ زَائِدَةٍ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ/ والإجماع، وما ينشأ (عنهما) (٣) مِنَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِدْلَالِ؛ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْلُ هُوَ المستحسِن، فَإِنْ كَانَ بِدَلِيلٍ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ، لِرُجُوعِهِ إِلَى الْأَدِلَّةِ لَا إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ/ كَانَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ/ فَذَلِكَ هُوَ البدعة التي تُستحسن.

(ويشبهه) (٤) قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّهُ (مَا يستحسنه) (٥) المجتهد بعقله، ويميل إليه برأيه (٦).


(١) ذكر ابن قدامة ثلاث تعريفات للاستحسان، فقال: له ثلاثة معان: أحدها: أن المراد به العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة. الثاني: أنه ما يستحسنه المجتهد بعقله. الثالث: قولهم: الْمُرَادَ بِهِ دَلِيلٌ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ، لا يقدر على التعبير عنه. انظر: روضة الناظر (ص١٤٧) وهناك تعريفات أخرى، انظر: التعريفات للجرجاني (ص١٨ ـ ١٩)، والإحكام للآمدي (٤ ١٥٦ ـ ١٦٠)، والموافقات (٤ ٢٠٥ ـ ٢٠٦)، والاستصلاح لمصطفى الزرقا (ص٢٣).
(٢) في (م): "مستحسن". وفي (غ) و (ر): "من مستحسن".
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عنها".
(٤) في (ط) و (م) و (خ): "ويشهد"، وفي (ت): "يشهد لذلك".
(٥) في (م) و (ط): "يستحسنه".
(٦) هذا القول هو قول أبي حنيفة، ذكره عنه السبكي في الإبهاج (٣ ١٩٠)، وابن قدامة في روضة الناظر (ص١٤٧).