للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فصل

النوع الثالث (١): (تحكيم العقل وتحسين الظن به، اعلم) (٢) أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْعُقُولِ فِي إِدْرَاكِهَا حَدًّا تَنْتَهِي إِلَيْهِ لَا تَتَعَدَّاهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا (سَبِيلًا) (٢) إِلَى الْإِدْرَاكِ فِي كُلِّ مَطْلُوبٍ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَاسْتَوَتْ مَعَ الْبَارِي تَعَالَى فِي إِدْرَاكِ جَمِيعِ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ، إِذْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؟ فَمَعْلُومَاتُ اللَّهِ لَا تَتَنَاهَى، وَمَعْلُومَاتُ الْعَبْدِ مُتَنَاهِيَةٌ، وَالْمُتَنَاهِي لَا يُسَاوِي مَا لَا يَتَنَاهَى.

وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ (ذَوَاتُ) (٣) الْأَشْيَاءِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَصِفَاتُهَا وَأَحْوَالُهَا وَأَفْعَالُهَا وَأَحْكَامُهَا جُمْلَةً وتفصيلاً، (وأيضاً) (٤) فَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ يَعْلَمُهُ الْبَارِي تَعَالَى عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، بِحَيْثُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ لَا فِي/ ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَحْوَالِهِ وَلَا فِي أَحْكَامِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ الشيء قاصر ناقص، (تعلق بذاته) (٥) أو صفاته (أو أفعاله) (٦) أَوْ (أَحْوَالِهِ) (٧) أَوْ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ فِي الْإِنْسَانِ (أَمْرٌ) (٨) مُشَاهَدٌ مَحْسُوسٌ لَا يَرْتَابُ فِيهِ عَاقِلٌ (تُخْرِجُهُ) (٩) التَّجْرِبَةُ إِذَا اعْتَبَرَهَا الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ.


(١) النوع الثالث من أسباب الإحداث في الشريعة.
(٢) ما بين القوسين زيادة من (ت) و (غ) و (ر).
(٣) في (م): "سبيل".
(٤) في (م): "دول".
(٥) في (م): "تعقل في ذاته". وهو ساقط من (ت) و (خ) و (ط).
(٦) في (م): "تعلق". وفي (خ) و (ط): "تعقل".
(٧) ما بين القوسين زيادة من (م) و (ت).
(٨) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(٩) في (ت) بياض بمقدار كلمة.