للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ (١) وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْقِرَافِيُّ (٢).

وَالْعَاشِرُ: قالوا في الحديث: أنه صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ توضأ وضوءه للصلاة (٣)، ثم فيه: كان صلّى الله عليه وسلّم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً (٤)، وَهَذَا تَدَافُعٌ. وَالْحَدِيثَانِ مَعًا لِعَائِشَةَ رَضِيَ/ اللَّهُ عَنْهَا.

وَالْجَوَابُ سَهْلٌ: فَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُوَسَّعٌ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، وَفَعَلَ الْآخَرَ أَيْضًا وَأَكْثَرَ مِنْهُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ: كَانَ يَفْعَلُ، حَصَلَ مِنْهُمَا/ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ وَيَتْرُكُ، وَهَذَا شَأْنُ الْمُسْتَحَبِّ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا (٥).

فَهَذِهِ عَشَرَةُ أمثلة تبين لك مواقع الإشكال، (وأين رَتَّبْتُهَا) (٦) مَعَ ثَلْجِ الْيَقِينِ، فَإِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ/ كُلُّ (مُوقِنٍ) (٧) بِالشَّرِيعَةِ أَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهَا ولا اختلاف، فمن توهم ذلك فيها فلم (ينعم) (٨) النَّظَرَ وَلَا أَعْطَى وَحْيَ اللَّهِ حَقَّهُ، وَلِذَلِكَ قال الله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (٩) فَحَضَّهُمْ عَلَى التَّدَبُّرِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَعْقَبَهُ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}، فبين أنه لا اختلاف فيه، والتدبر يعين على تصديق ما أخبر به.


(١) الشاطبي نقله عن ابن قتيبة بالمعنى، انظر: تأويل مشكل الحديث (ص١٣٦ ـ ١٣٧).
(٢) أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي القرافي، أحد تلاميذ العز بن عبد السلام من أشهر علماء المالكية توفي سنة ٦٨٤هـ، انظر: الأعلام للزركلي (١ ٩٤).
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٦، ٢٨٨)، ومسلم (٣٠٥)، وأحمد في المسند (٦/ ٣٦، ٩١، ١٠٢)، وأبو داود (٢٢٢)، والنسائي (٢٥٥، ٢٥٦)، وابن ماجه (٥٨٤) وغيرهم.
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٤٣، ١٠٢، ١٠٦)، وأبو داود (٢٢٨)، والترمذي (١١٨)، والنسائي في الكبرى (٩٠٥٢)، وابن ماجه (٥٨١)، وصححه الألباني في آداب الزفاف (ص٣٩)، وتكلم على المسألة ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٣٩)، وابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (١/ ٢٦١)، وابن حجر في الفتح (١/ ٣٩٤) و (٣/ ٣٢).
(٥) انظر تفصيل الخلاف في هذه المسألة في: فتح الباري لابن حجر (١ ٤٦٧ ـ ٤٧٠).
(٦) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وإني رتبتها".
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "موفق".
(٨) في (ت): "يمعن".
(٩) سورة النساء: الآية (٨٢).