للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ اخْتِلَاطُ الرَّضِيعة بالأَجنبية: النَّهْيُ فِي الِاشْتِبَاهِ مُنْصَرِفٌ إِلى الرَّضِيعَةِ كَمَا انْصَرَفَ إِليها فِي التحقُّق، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُشْتَبِهَاتِ، إِنما يَنْصَرِفُ نَهْيُ الإِقدام عَلَى الْمُشْتَبَهِ إِلى خُصُوصِ الْمَمْنُوعِ الْمُشْتَبَهِ، فإِذاً الْفِعْلُ الدَّائِرُ بَيْنَ كَوْنِهِ سُنَّةً أَو بدعة إِذا نهي عنه؛ من (١) باب الاشْتِباه، فالنهي منصرف إِلى العمل بالبدعة؛ كما انصرف إِليه عند تعيُّنها، فهو إِذاً في الِاشْتِبَاهِ (٢) نَهْيٌ عَنِ الْبِدْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، فَمَنْ أَقدم على الْعَمَلِ فَقَدْ أَقدم عَلَى (٣) منهيٍّ عَنْهُ فِي بَابِ الْبِدْعَةِ؛ لأَنه مُحْتَمَلٌ أَن يَكُونَ بِدْعَةً فِي نَفْسِ الأَمر، فَصَارَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَالْعَامِلِ بِالْبِدْعَةِ المنهيِّ عَنْهَا. وَقَدْ مرَّ أَن الْبِدْعَةَ الإِضافية هِيَ الْوَاقِعَةُ ذَاتُ وَجْهَيْنِ، فَلِذَلِكَ قِيلَ: إِن هَذَا الْقِسْمَ مِنْ قَبِيلِ الْبِدَعِ الإِضافية، ولهذا النوع أَمثلة:

أَحدها: إِذا تَعَارَضَتِ الأَدلة عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَن الْعَمَلَ الفلانيَّ مَشْرُوعٌ يُتَعَبَّد بِهِ، أَو غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُتعبَّد بِهِ (٤)، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ جمع بين الدليلين (٥)، ولا إِسقاط (٦) أَحَدهما (٧) بِنَسْخٍ أَوْ تَرْجِيحٍ أَو غَيْرِهِمَا؛ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الأُصول أَن فَرْضَهُ التوقُّف. فَلَوْ عَمِل بمَقتضى دَلِيلِ التَّشْرِيعِ مِنْ غَيْرِ مرجِّح لَكَانَ عَامِلًا بِمُتَشَابِهٍ؛ لِإِمْكَانِ صحَّة الدَّلِيلِ بعدم المشروعية. وقد نهى الشرع عن الإقدام على المتشابهات، كما أنه لو أَعمل دليل عدم المشروعية من غير مرجِّح، لكان عاملاً بمتشابه (٨)، فَالصَّوَابُ الْوُقُوفُ عَنِ الْحُكْمِ رأْساً، وَهُوَ الْفَرْضُ في حقِّه.


(١) في (خ) و (م) و (ت): "في" بدل "من".
(٢) من قوله: "فالنهي منصرف" إلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٣) قوله: "العمل فقد أقدم على" سقط من (خ).
(٤) قوله: "به" سقط من (غ) و (ر).
(٥) في (ت): "الدليل"، ثم صوبت في الهامش.
(٦) في (خ): "أو إسقاط". وفي (م): "والإسقاط"، وفي (ت): "وإسقاط"، وصوبت في الهامش هكذا: "أو إسقاط".
(٧) في (م): "لأحدهما".
(٨) من قوله: "وقد نهى الشرع" إلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).