للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ جَلِيًّا، وَالْأَخْذُ بِأَقْوَى القياسين متفق عليه.

والثالث: أَنْ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: إِذَا/ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا، وَلَكِنْ عيَّن كُلُّ وَاحِدٍ (جهة) (١) غير الجهة التي عيَّنها (غيره) (٢)، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُحَدَّ، وَلَكِنِ اسْتُحْسِنَ حَدُّهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إِلَّا مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا عيَّن كُلُّ وَاحِدٍ ((منهم) (٣) دَارًا، فَلَمْ يَأْتِ عَلَى كُلِّ مَرْتَبَةٍ بِأَرْبَعَةٍ؛ لِامْتِنَاعِ/ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا عيَّن كُلُّ وَاحِدٍ) (٤) زَاوِيَةً فَالظَّاهِرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ، وَيُمْكِنُ التزاحف.

فإذا قيل: الْقِيَاسُ أَنْ لَا يُحد، فَمَعْنَاهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعِ الْأَرْبَعَةُ عَلَى زِنًا وَاحِدٍ، ولكنه (يقول) (٥) فِي الْمَصِيرِ إِلَى الْأَمْرِ الظَّاهِرِ تَفْسِيقُ (الْعُدُولِ) (٦)؛ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْدُودًا صَارَ الشُّهُودُ فَسَقَةً، وَلَا سَبِيلَ إِلَى (ذَلِكَ) (٧) مَا وَجَدْنَا إِلَى/ الْعُدُولِ عَنْهُ سَبِيلًا، فَيَكُونُ حَمْلُ الشُّهُودِ عَلَى مُقْتَضَى الْعَدَالَةِ عِنْدَ/ الْإِمْكَانِ يَجُرُّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ الْبَعِيدَ، فَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا/ تَمَسُّكٌ بِاحْتِمَالِ تَلَقِّي الْحُكْمِ مِنَ (الْقُرْآنِ) (٨)، وَهَذَا يرجع في الحقيقة إلى تحقيق (مناطه) (٩).

والرابع: أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنْ يَتْرُكَ الدَّلِيلَ (لِلْعُرْفِ) (١٠)، فَإِنَّهُ رَدَّ الْأَيْمَانَ (إِلَى الْعُرْفِ) (١١)، مَعَ أَنَّ اللُّغَةَ تَقْتَضِي فِي أَلْفَاظِهَا غير ما


(١) زيادة من (غ).
(٢) في (ط) و (غ): "الآخر"، وساقطة من (خ) و (م).
(٣) زيادة من (ت).
(٤) ساقط من (غ).
(٥) كذا في جميع النسخ، وقال رشيد رضا: لعل أصله (يؤول) فإن الزنا إذا لم يثبت بشهادة من شهدوا به، يؤول الأمر إلى قذفهم للمشهود عليه وهو فسق، والله أعلم.
(٦) في (غ): "الأمور".
(٧) زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(٨) في (ت): "القرائن" ولعلها أصوب، وكتب في هامشها: "القرآن".
(٩) في (م) و (خ) و (ت): "مناط".
(١٠) ما بين القوسين ساقط من (ت). وانظر: الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة للمشاط (ص٢٦٩ ـ ٢٧٢)، وكتاب أصول الفقه وابن تيمية للمنصور (٢ ٥٠٩ ـ ٥٣٠).
(١١) في (ت): "للعرف".