للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستحسان (بذلك) (١) (النظر) (٢).

والسادس: أنهم يحكون الإجماع عَلَى إِيجَابِ الْغَرْمِ عَلَى مَنْ (قَطَعَ) (٣) ذَنَبَ بَغْلَةِ الْقَاضِي، يُرِيدُونَ غَرْمَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ لَا قِيمَةَ النَّقْصِ الْحَاصِلِ فِيهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ، فإن (مثل) (٤) بَغْلَةَ الْقَاضِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا إِلَّا لِلرُّكُوبِ، وَقَدِ امْتَنَعَ رُكُوبُهُ لَهَا بِسَبَبِ فُحْشِ ذَلِكَ العيب، حتى صارت بالنسبة إلى (ركوبه أو) (٥) رُكُوبِ مِثْلِهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، فَأَلْزَمُوا الْفَاعِلَ غَرْمَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ/ مُتَّجِهٌ بِحَسَبِ الْغَرَضِ الْخَاصِّ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا يَغْرَمَ إِلَّا قِيمَةَ مَا نَقَّصَهَا الْقَطْعُ خَاصَّةً، لَكِنِ اسْتَحْسَنُوا/ مَا تَقَدَّمَ.

وَهَذَا الْإِجْمَاعُ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ فِي الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ مَا تَقَدَّمَ حسبما نص عليه القاضي عبد الوهاب (٦).

والسابع: تَرْكُ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْيَسِيرِ لِتَفَاهَتِهِ وَنَزَارَتِهِ لِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ، وَإِيثَارِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْخَلْقِ، فَقَدْ أَجَازُوا التَّفَاضُلَ الْيَسِيرَ فِي الْمُرَاطِلَةِ (٧) الْكَثِيرَةِ، وَأَجَازُوا البيع (والصرف) (٨) إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا لِلْآخَرِ، وَأَجَازُوا بَدَلَ الدِّرْهَمِ النَّاقِصِ بِالْوَازِنِ (٩) لِنَزَارَةِ مَا بَيْنَهُمَا، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ/ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سواء بسواء، وأن مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (١٠)، وَوَجْهُ ذلك أن التافه في حكم


(١) في (غ) و (ر): "بهذا".
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(٣) في (م): "قط".
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) هو القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر التغلبي المالكي صاحب كتاب التلقين، وهو مختصر في الفقه المالكي، يقول عنه الذهبي: وهو من أجود المختصرات، توفي سنة ٤٢٢هـ. انظر: السير (١٧ ٤٢٩)، وتاريخ بغداد (١١ ٣١)، وترتيب المدارك (٤ ٦٩١).
(٧) يعني الوزن بالرطل، انظر: لسان العرب مادة رطل.
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ): "بالصرف".
(٩) يعني: درهم تام الوزن، المصدر السابق مادة وزن.
(١٠) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الشعير بالشعير برقم (٢١٧٤ ـ ٢١٧٧)،=