للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُكَمِّلَةِ، وَالتَّكْمِيلَاتِ إِذَا أَفْضَى اعْتِبَارُهَا إِلَى إِبْطَالِ الْمُكَمِّلَاتِ سَقَطَتْ جُمْلَةً؛ تَحْصِيلًا لِلْمُهِمِّ ـ حَسْبَمَا تَبَيَّنَ فِي الْأُصُولِ ـ فَوَجَبَ أَنْ يُسَامِحَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْغَرَرِ الَّتِي (لَا) (١) يَنْفَكُّ عَنْهَا، إِذْ يَشُقُّ طَلَبُ الِانْفِكَاكِ عَنْهَا، فَسُومِحَ الْمُكَلَّفُ بِيَسِيرِ الْغَرَرِ، لِضِيقِ الِاحْتِرَازِ مَعَ تَفَاهَةِ مَا يَحْصُلُ مِنَ (الْغَرَرِ) (٢)، وَلَمْ يُسَامَحْ فِي كَثِيرِهِ إِذْ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَلِعَظِيمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَرِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ بَعْضِ (أَنْوَاعِهِ) (٣) مِمَّا يَعْظُمُ فِيهِ الْغَرَرُ، فَجُعِلَتْ أُصُولًا يقاس عليها (غيرها) (٤) (فصار) (٥) الْقَلِيلِ أَصْلًا فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَفِي الْجَوَازِ، (وصار) (٦) الكثير (أصلاً) (٧) في المنع، ودار في الأصلين فروع تجاذب الْعُلَمَاءُ النَّظَرَ فِيهَا، فَإِذَا (قلَّ الْغَرَرُ) (٨) وَسَهُلَ الْأَمْرُ، وَقَلَّ النِّزَاعُ، وَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمُسَامَحَةِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَسْأَلَةُ التَّقْدِيرِ فِي مَاءِ الْحَمَّامِ، وَمُدَّةِ اللبث.

قال العلماء: ولقد/ بالغ مالك رحمه الله في هذا الباب وأمعن فيه، فجوَّز أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْضَبِطُ مِقْدَارُ أَكْلِهِ، لِيَسَارِ أَمْرِهِ وَخِفَّةِ خَطْبِهِ، وَعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ، وَفَرْقٌ/ (بَيْنَ تَطَرُّقٍ) (٩) يَسِيرِ الْغَرَرِ إِلَى الْأَجَلِ فَأَجَازَهُ، وَبَيْنَ تَطَرُّقِهِ/ لِلثَّمَنِ فَمَنَعَهُ، فَقَالَ: يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إِلَى الْحَصَادِ أَوْ (إِلَى) (١٠) الْجَذَاذِ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ لَا يَنْضَبِطُ، وَلَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِدِرْهَمٍ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ لَمْ يَجُزْ، وَالسَّبَبُ فِي التفرقة (أن) (١١) الْمُضَايَقَةُ فِي تَعْيِينِ الْأَثْمَانِ وَتَقْدِيرِهَا لَيْسَتْ فِي العرف (كالمضايقة) (١٢) فِي الْأَجَلِ، إِذْ قَدْ يُسَامِحُ الْبَائِعُ فِي التَّقَاضِي الْأَيَّامَ، وَلَا يُسَامِحُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ على حال.


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) في سائر النسخ ما عدا (ت): "الغرض".
(٣) في (م) و (خ): "أعوانه".
(٤) في (ط) و (خ) و (ت): "غير".
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) في (ر): "صار".
(٧) زيادة من (غ) و (ر).
(٨) في (م): "قال الخطر". وفي (غ) و (ر): "قلَّ الخطر".
(٩) في (غ) و (ر): "بين يسير تطرق".
(١٠) ما بين القوسين ساقط من (م).
(١١) زيادة من (غ) و (ت) و (ر).
(١٢) في (م): "والمضايقة".