للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا فَرَضْنَا لَحْمًا أَشْكَلَ عَلَى الْمَالِكِ تَحْقِيقُ مَنَاطِهِ (لَمْ) (١) يَنْصَرِفْ إِلَى إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ، كَاخْتِلَاطِ الميتة (بالذكية) (٢)، واختلاط الزوجة بالأجنبية.

فها هنا قَدْ وَقَعَ الرَّيْبُ وَالشَّكُّ وَالْإِشْكَالُ وَالشُّبْهَةُ.

وَهَذَا الْمَنَاطُ مُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يبيِّن حُكْمَهُ، (وهو) (٣) تِلْكَ الْأَحَادِيثُ/ الْمُتَقَدِّمَةُ، كَقَوْلِهِ: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلا مَا لَا يَرِيبُكَ"، وَقَوْلُهُ: "الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ" (٤)، كأنه يقول: إذا (اعتبرت) (٥) بِاصْطِلَاحِنَا مَا تَحَقَّقْتَ مَنَاطَهُ فِي الْحِلِّيَّةِ أَوِ الْحُرْمَةِ؛ فَالْحُكْمُ فِيهِ مِنَ الشَّرْعِ بيِّن، وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ تَحْقِيقُهُ فَاتْرُكْهُ وَإِيَّاكَ وَالتَّلَبُّسَ بِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ـ إِنْ صَحَّ ـ: "اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَإِنْ أَفْتَوْكَ" (٦)، فَإِنَّ تَحْقِيقَكَ لِمَنَاطِ مَسْأَلَتِكَ أَخَصُّ (بِكَ) (٧) مِنْ تَحْقِيقِ غَيْرِكَ لَهُ إِذَا كَانَ مِثْلَكَ.

وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ الْمَنَاطُ وَلَمْ يُشْكِلْ عَلَى غَيْرِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ مَا عَرَضَ لَكَ.

/وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَفْتَوْكَ)، أَيْ: إِنْ نَقَلُوا (إِلَيْكَ) (٨) الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فَاتْرُكْهُ وَانْظُرْ مَا يُفْتِيكَ بِهِ قَلْبُكَ، فَإِنَّ هَذَا بَاطِلٌ، وَتَقَوُّلٌ عَلَى التَّشْرِيعِ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا/ الْمُرَادُ مَا يَرْجِعُ إِلَى تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ.

نَعَمْ قَدْ لَا يَكُونُ (لَكَ دُرْبَةٌ) (٩) أو (أنس) (١٠) بتحقيقه، فيحققه لك


(١) في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "فلم". وأشار المحقق لنسخة (ط) أن أصل المخطوط عنده (فلم) فعدلها لأنها جواب (فإذا).
(٢) في (م) و (ت): "بالمذكية".
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وهي".
(٤) تقدم تخريجه (ص٧١).
(٥) في (م) و (غ) و (ر): "عبرنا". وفي (ط) و (خ): "اعتبرنا".
(٦) تقدم تخريجه (ص٧١).
(٧) في (غ) و (ر): "به".
(٨) في (غ) و (ر): "لك".
(٩) في (ط): "ذلك درية". وفي (خ): "لك درية".
(١٠) في (ط): "أنسا".