للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْأَوَّلُونَ ردُّوا كَثِيرًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِعُقُولِهِمِ، وأساءوا الظَّنَّ بِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحسَّنوا ظَنَّهُمْ بِآرَائِهِمُ الْفَاسِدَةِ، حَتَّى رَدُّوا كَثِيرًا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَأَحْوَالِهَا مِنَ الصراط والميزان، وحشر الأجساد، والنعيم والعذاب (الجسمي) (١)، وَأَنْكَرُوا رُؤْيَةَ الْبَارِي، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، بَلْ صيُّروا الْعَقْلَ شَارِعًا جَاءَ الشَّرْعُ أَوْ لَا، بَلْ إِنْ جَاءَ فَهُوَ كَاشِفٌ لِمُقْتَضَى مَا حَكَمَ بِهِ الْعَقْلُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّنَاعَاتِ.

وَالْآخَرُونَ خَرَجُوا عَنِ الْجَادَّةِ إِلَى الْبَنِيَّاتِ، وَإِنْ كانت مخالفة (لصلب) (٢) الشَّرِيعَةِ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَغْلِبَ عَدْوُهُ، أَوْ يفيد وليه، أو يجر إلى (نفعه) (٣).

/كَمَا ذَكَرُوا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ لبابة (٤) ((ابن أَخِي) (٥) الشَّيْخِ ابْنِ لُبَابَةَ) (٦) الْمَشْهُورِ/ فَإِنَّهُ عُزِلَ عَنِ قَضَاءِ الْبِيرَةِ (٧) ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الشُّورَى لِأَشْيَاءَ نُقِمَتْ/ عَلَيْهِ ـ وَسَجَّلَ/ بِسَخْطَتِهِ الْقَاضِي حَبِيبُ بن زياد (٨)، وَأَمَرَ بِإِسْقَاطِ عَدَالَتِهِ وَإِلْزَامِهِ بَيْتَهُ، وَأَنْ لَا يفتي أحداً.


(١) في (م): "الجسيمين".
(٢) ساقط من (غ) و (ر).
(٣) في سائر النسخ (نفسه) وصححت في هامش (ت) بـ: "نفعه".
(٤) هو محمد بن يحيى بن لبابة أبو عبد الله الملقب ببرجون، كان أحفظ أهل الزمان للمذهب، توفي سنة ٣٣٦هـ. انظر: الديباج المذهب (٢ ٢٠٠).
(٥) في النسخ: أخي، والصواب من كتب التراجم، وسيأتي.
(٦) ما بين () ساقط من (غ) و (ر): "وابن لبابة" هو محمد بن عمر بن لبابة القرطبي، انتهت إليه الإمامة في المذهب، وتوفي سنة ٣١٤هـ. (تنبيه): ذكر الذهبي اسمه: محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة، والصواب محمد بن عمر وهو عم محمد بن يحيى الآنف الذكر، وهذا يظهر من سيرة الرجلين ووفاتهما بالمقارنة من خلال المصادر التالية: السير (١٤ ٤٩٥)، والديباج المذهب (٢ ١٨٩ و٢٠٠)، وجذوة المقتبس (١ ١٢٧)، وبغية الملتمس (١ ١٤٧)، والله تعالى أعلم.
(٧) ألبيرة: قرية كبيرة من قرى الأندلس، متصلة بأراضي قرية قبرة، قريبة من قرطبة. انظر: معجم البلدان (١ ٢٨٩).
(٨) هو القاضي: أحمد بن محمد بن زياد بن عبد الرحمن اللخمي، من أهل قرطبة يكنى أبا القاسم، ويعرف بالحبيب، سمع من ابن وضاح وغيره، واستقضي في صدر أيام الإمام الناصر لدين الله، وتوفي سنة ٣١٢هـ. انظر ترجمته في: قضاة قرطبة (ص٢٠٤)، وتاريخ علماء الأندلس (١ ٧١).