للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (١) إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.

/وَأَمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَمْرٍ هُوَ بِدْعَةٌ، كَمَا افْتَرَقَ الْخَوَارِجُ (مِنَ) (٢) الْأُمَّةِ (بِبِدَعِهِمُ) (٣) الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا فِي الْفِرْقَةِ، وكالمهدي المغربي (٤) الخارج (على) (٥) الْأُمَّةِ نَصْرًا لِلْحَقِّ فِي زَعْمِهِ، فَابْتَدَعَ أُمُورًا سِيَاسِيَّةً وَغَيْرَهَا خَرَجَ بِهَا عَنِ السُّنَّةِ ـ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ/ قَبْلُ ـ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُشِيرُ إِلَيْهِ الْآيَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْأَحَادِيثُ، لِمُطَابَقَتِهَا لِمَعْنَى الْحَدِيثِ، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ مَعًا.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا أَعْلَمُ قَائِلًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ (مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ) (٦) إِذْ لَمْ أَرَ أَحَدًا خص هذه (الفرقة) (٧) بِمَا إِذَا افْتَرَقَتِ الْأُمَّةُ بِسَبَبِ أَمْرٍ (دُنْيَوِيٍّ) (٨) لَا بِسَبَبِ (بِدْعَةٍ) (٩)، وَلَيْسَ ثَمَّ دَلِيلٌ يَدُلُّ على التخصيص، لأن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيد شِبْرٍ" (١٠) الْحَدِيثَ، لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ، وكذلك (إذا بويع (لخليفتين) فاقتلوا الآخر منهما) (١١)، وقد اختلف العلماء فِي الْمُرَادِ بِالْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ حَسْبَمَا يَأْتِي، فَلَمْ يَكُنْ (مِنْهُمْ قَائِلٌ) (١٢) بِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْمُضَادَّةَ لِلْجَمَاعَةِ هِيَ فِرْقَةُ الْمَعَاصِي غَيْرُ الْبِدَعِ على الخصوص.

وأما الثالث، وَهُوَ أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ مَعًا، فَذَلِكَ أَيْضًا مُمْكِنٌ، إِذِ الْفِرْقَةُ الْمُنَبَّهُ عَلَيْهَا قَدْ تَحْصُلُ بسبب (أمور دنيوية) (١٣) لَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلْبِدَعِ وَإِنَّمَا (هِيَ) (١٤) مَعَاصٍ وَمُخَالَفَاتٌ/ كَسَائِرِ الْمَعَاصِي، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى يُرْشِدُ قول


(١) سورة الحجرات: الآية (٩).
(٢) في (غ) و (ر): "عن".
(٣) في (م) و (خ): "ببدعتهم". و (غ) و (ر).
(٤) هو محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي، ادعى أنه هو المهدي المنتظر، وسمى أتباعه بالموحدين. تقدمت ترجمته ١ ٣١٢.
(٥) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عن".
(٦) في (غ) و (ر): "في نفسه ممكناً".
(٧) زيادة من (غ) و (ر).
(٨) في (ط) و (م) و (خ): "دنياوي".
(٩) في (غ) و (ر): "البدعة".
(١٠) تقدم تخريجه (٣/ ١٢٦).
(١١) في (خ) و (غ) و (ر): "الخليفتين".
(١٢) تقدم تخريجه (٣/ ١٢٦).
(١٣) في (ت): "قائل منهم".
(١٤) في (ط) و (م) و (خ): "أمر دنياوي". وفي (ت): "أمر دينوي".
(١٥) في (ت): "هو".