للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلَّ الطَّرْطُوشِيُّ عَلَى أَنَّ الْبِدَعَ لَا تَخْتَصُّ بالعقائد بما جاء عن الصحابة والتابعين وسائر الْعُلَمَاءُ مِنْ تَسْمِيَتِهِمُ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ بِدَعًا إِذَا خَالَفَتِ الشَّرِيعَةَ،/ ثُمَّ أَتَى بِآثَارٍ كَثِيرَةٍ كَالَّذِي رواه مالك عن عمه أبي/ سهيل (بن مالك) (١) عَنْ أَبِيهِ (٢) أَنَّهُ قَالَ: مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ إِلَّا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ (٣). يعني بالناس الصحابة رضي الله عنهم، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَكْثَرَ أَفْعَالِ عَصْرِهِ، وَرَآهَا مخالفة لأفعال الصحابة رضي الله عنهم.

وَكَذَلِكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ (سَأَلَهُ) (٤) رَجُلٌ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا هَلْ/ يُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ؟ فَغَضِبَ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، ثُمَّ قال: وهل (كان) (٥) يَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ؟ (٦).

وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ (٧) قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مُغْضَبًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ (مِنْهُمْ مِنْ) (٨) أَمْرِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا (٩). وَذَكَرَ جُمْلَةً مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ فِي الْأَفْعَالِ قَدْ ظَهَرَتْ.

وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ مُجَاهِدٌ (١٠): دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزبير (١١) المسجد


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) أبو سهيل اسمه: نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني.
وأما أبوه فهو: مالك بن أبي عامر الأصبحي جد الإمام مالك بن أنس، تقدمت ترجمتهما (١ ٢٣).
(٣) تقدم تخريجه (١ ٢٣).
(٤) في (م): "سأل".
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) ذكره الطرطوشي في الحوادث والبدع (ص١١٢).
(٧) أم الدرداء: واسمها هجيمة، وقيل جهيمة الأوصابية الحميرية الدمشقية، تقدمت ترجمتها (١ ٢١).
(٨) في (غ) و (ر): "فيهم شيئاً من".
(٩) تقدم تخريجه (١ ٢١).
(١٠) هو: مجاهد بن جبر مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، تقدمت ترجمته (١ ٨٣).
(١١) هو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أحد الفقهاء السبعة، ولد سنة ٢٣هـ، واختلف في وفاته فقيل سنة ٩٣، وقيل ٩٤، وقيل ٩٥هـ. انظر: طبقات ابن سعد (٥ ١٧٨)، والحلية (٢ ١٧٦)، والسير (٤ ٤٢١)، وتهذيب التهذيب (٧ ١٨٠)، وغير ذلك.