للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/وَقَدْ ثَبَتَ أَيْضًا لِلْكُفَّارِ بِدَعٌ فَرْعِيَّةٌ، وَلَكِنَّهَا فِي الضَّرُورِيَّاتِ وَمَا (قَارَبَهَا) (١)، كَجَعْلِهِمْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا، وَلِشُرَكَائِهِمْ نَصِيبًا، ثُمَّ فرَّعوا عَلَيْهِ أَنَّ مَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ، وَمَا كَانَ لِلَّهِ وَصَلَ إِلَى شُرَكَائِهِمْ، وَتَحْرِيمِهِمُ البَحيرة وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ والحامي (٢)، وَقَتْلِهِمْ أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَتَرْكِ/ الْعَدْلِ فِي الْقِصَاصِ وَالْمِيرَاثِ، وَالْحَيْفِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْحِيَلِ، إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ، حَتَّى صَارَ التَّشْرِيعُ دَيْدَنًا لَهُمْ، وَتَغْيِيرُ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَهْلًا عَلَيْهِمْ، فَأَنْشَأَ ذَلِكَ أَصْلًا مُضَافًا إِلَيْهِمْ وَقَاعِدَةً رَضُوا بها، وهي التشريع المطلق (بالهوى) (٣)، ولذلك لما نبههم الله تعالى على (قيام) (٤) الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} (٥)، قَالَ فِيهَا: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٦)، فَطَالَبَهُمْ بِالْعِلْمِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ لَا يُشَرِّعَ إِلَّا حَقًّا، وَهُوَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ لَا غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} (٧)، تَنْبِيهًا (لَهُمْ) (٨) عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا شَرَعَهُ فِي مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، (ثُمَّ) (٩) قَالَ:/ {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (١٠)، (فثبت) (١١) أن هذه الفرق إنما افترقت (بسبب) (١٢) أمور كلية اختلفوا فيها، والله أعلم.


(١) في (م) و (ت): "درابها". وفي (غ) و (ر): "داربها".
(٢) البحيرة: هي التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. والسائبة: هي التي يسيِّبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء. والوصيلة: الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر. والحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه تركوه للطواغيت، ولا يحملون عليه شيء، وسموه الحامي. انظر: تفسير ابن كثير (٢ ١٠٨).
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "لا الهوى".
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "إقامة".
(٥) سورة الأنعام: الآية (١٤٤).
(٦) سورة الأنعام: الآية (١٤٣).
(٧) سورة الأنعام: الآية (١٤٤).
(٨) ساقط من (غ) و (ر).
(٩) ساقطة من (م) و (خ).
(١٠) سورة الأنعام: الآية (١٤٤).
(١١) في (غ) و (ر): "فظهر".
(١٢) في (ط) و (خ) و (ت): "بحسب".