للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُثَابَرَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ كَيْفَ يُحَكِّمُ الرِّجَالَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} (١)، فَفِي ظَنِّهِمْ أَنَّ الرِّجَالَ لَا يُحَكَّمُونَ بِهَذَا الدَّلِيلِ، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا تجاوز (صلاتهم) (٢) تراقيهم) (٣).

فقوله صلّى الله عليه وسلّم: "يحسبون أنه لهم" واضح فيما قلنا، (من) (٤) إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَ اتِّبَاعَهُ بِتِلْكَ الْأَعْمَالِ لِيَكُونُوا مِنْ أهله، وليكون حجة (لهم) (٥)، فحين (حرَّفوا) (٦) تأويله وخرجوا عن الجادة (فيه) (٧) كَانَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ.

وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ من قول ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، عَلَيْكُمْ بالعلم وإياكم (والتبدع) (٨) والتعمق، وعليكم بِالْعَتِيقِ) (٩)، فَقَوْلُهُ: يَزْعُمُونَ كَذَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلَى الشَّرْعِ فِيمَا يَزْعُمُونَ.

وَمِنَ الشَّوَاهِدِ أَيْضًا حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا ـ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ/ أَلَسْنَا (إِخْوَانَكَ) (١٠)؟ / قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وَأَنَا


(١) سورة يوسف: الآية (٤٠).
(٢) في (ت): "بياض بمقدار كلمة".
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ١١٤).
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "ثم".
(٥) ساقط من (م).
(٦) في (ط) و (خ): "سرفوا". وفي (غ) و (ر): "تحرفوا".
(٧) زيادة من (م) و (خ) و (غ) و (ر).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "والبدع".
(٩) أخرجه معمر بن راشد في جامعه (٢٠٤٦٥)، والدارمي في سننه (١٤٢ و١٤٣)، وابن وضاح في البدع والنهي عنها (٢٥)، وابن نصر في السنة (٨٥)، والطبراني في الكبير (٨٨٤٥)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (١ ٤٣)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢٣٦٣)، واللالكائي (١٠٨)، كلهم من طريق أبي قلابة عن ابن مسعود، وهو منقطع. وأخرجه البيهقي في المدخل (٣٨٨)، بسند صحيح متصل من طريق عائذ الله الخولاني عن ابن مسعود.
(١٠) ساقطة من (م) و (خ) و (ت). وفي (غ) و (ر): "بإخوانك".