للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(تِلْكَ الْعِدَّةُ، لِأَنَّ) (١) ذَلِكَ لَعَلَّهُ (لَمْ) (٢) يَدْخُلْ فِي الْوُجُودِ إِلَى الْآنِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادُوا أن كل بدعة (وضلالة) (٣) لَا تَكَادُ تُوجَدُ إِلَّا فِي هَذِهِ الْفِرَقِ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ فَرْعًا لِلْأُولَى وَلَا شُعْبَةً مِنْ شُعَبِهَا، بَلْ هِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأُولَى بِسَبِيلٍ.

ثم بين ذلك بالمثال بأن القدر أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْبِدَعِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ فِي مَسَائِلَ مِنْ شُعَبِ الْقَدَرِ، وَفِي مَسَائِلَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْقَدَرِ، فَجَمِيعُهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْقَدَرِ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَكُونُ فِعْلٌ بين فاعلين.

(وقال بعضهم) (٤): يجوز فعل بين فاعلين) (٥) مَخْلُوقَيْنِ عَلَى التَّوَلُّدِ (٦). وَأَحَالَ مِثْلَهُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ (٧).

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَعُودُ إِلَى الْقَدَرِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ (٨)، فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْهُمْ: يَجِبُ عَلَى اللَّهِ


(١) في (م) و (غ) و (ر): "تلك العدة فإن".
(٢) ساقط من (غ) و (ر).
(٣) في (ط) و (م) و (ت): "ضلالة".
(٤) في الحوادث والبدع: "وهو المردار"، واسمه عيسى بن صبيح المردار، من تلاميذ بشر بن المعتمر، وكان يسمى راهب المعتزلة، وله فرقة من المعتزلة ـ من معتزلة بغداد ـ تسمى المردارية. انظر: الملل والنحل (١ ٤٨ ـ ٧٠) وطبقات المعتزلة (٧٠ ـ ٧١).
(٥) ما بين القوسين زيادة من الحوادث و (غ) و (ر).
(٦) التولد: هو أن يحصل الفعل من فاعله بتوسط فعل آخر، كحركة المفتاح بحركة اليد، وحدوث جرح بسبب الإصابة بحجر أو بسهم أطلقه إنسان. وقد اختلفوا في التولد هل فعل الإنسان أم الجماد. انظر: مذاهب الإسلاميين لبدوي (١ ١٩٢ ـ ١٩٧). وقول المردار في التولد ذكره عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص١٦٦)، والشهرستاني في الملل والنحل (١ ٦٩).
(٧) القديم ـ عند المعتزلة ـ يعنون به الله عز وجل، والوارد في القرآن تسميته سبحانه بالأول. والمحدث هو المخلوق، فالمردار جوز وقوع فعلاً بين فاعلين مخلوقين، ومنع ذلك بين الخالق والمخلوق.
(٨) يريد المعتزلة بالصلاح والأصلح، أنه يجب على الله ـ تعالى الله عن قولهم ـ رعاية=