للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعْيِينَ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَالْعَقْلُ لَا يَقْتَضِيهِ، وأيضاً (فللمنازع) (١) أَنْ يَتَكَلَّفَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ الَّتِي بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ (٢) فِي قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ فِرَقًا يُسَمِّيهَا وَيُبَرِّئُ نَفْسَهُ وَفِرْقَتَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ. فَالْأَوْلَى/ مَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ (التَّعْيِينِ) (٣)، وَإِنْ سلَّمنا (أَنَّ) (٤) الدَّلِيلَ قَامَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي (أيضاً) (٥) التَّعْيِينُ.

أَمَّا أَوَّلًا: فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ فَهِمْنَا مِنْهَا أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى/ أَوْصَافِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ لِيُحْذَرَ مِنْهَا، وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي تَعْيِينِ الدَّاخِلِينَ فِي مُقْتَضَى الْحَدِيثِ مُرَجَّى، وَإِنَّمَا وَرَدَ التعيين في النادر كما قال صلّى الله عليه وسلّم في الخوارج (إن من ضئضئ هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حَنَاجِرَهُمْ، (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدْعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ) (٦)) (٧) الْحَدِيثَ، مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ شَمِلَهُمْ حَدِيثُ الْفِرَقِ. وَهَذَا الْفَصْلُ مَبْسُوطٌ فِي كِتَابِ الْمُوَافَقَاتِ (٨) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ عَدَمَ التَّعْيِينِ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَزَمَ/ لِيَكُونَ سِتْرًا عَلَى الْأُمَّةِ كَمَا سُتِرَتْ عَلَيْهِمْ قَبَائِحُهُمْ فَلَمْ يُفْضَحُوا فِي الدنيا (بها) (٩) في الغالب، وأمرنا بالستر على (المذنبين) (١٠) ما لم (يبدوا) (١١) لَنَا صَفْحَةُ الْخِلَافِ، لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ليلاً أصبح وعلى بابه معصيته مَكْتُوبَةٌ (١٢)، وَكَذَلِكَ فِي شَأْنِ قُرْبَانِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَرَّبُوا لِلَّهِ قُرْبَانًا فَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا عِنْدَ اللَّهِ نَزَلَتْ (نَارٌ) (١٣) مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهُ،


(١) في (ط) و (خ): "فالمنازع". وفي (غ) و (ر): "فللمنازع أيضاً".
(٢) الأشعرية: تقدم تعريفهم ١ ٣٠.
(٣) في (غ) و (ر): "التعليل".
(٤) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (غ) و (ر).
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) ما بين القوسين زيادة من (غ) و (ر).
(٧) تقدم تخريجه (٣/ ١١٤).
(٨) انظر: الموافقات (٤ ١٠٠ وما بعدها).
(٩) زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(١٠) في (ط) و (ت): "المؤمنين".
(١١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "تبد".
(١٢) انظر الحديث في تفسير ابن جرير الطبري (٢ ٤٩١)، وذكر أحمد شاكر أنه حديث مرسل من مراسيل أبي العالية وأنه لا حجة فيه.
(١٣) في (م): "نارا".