للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَغْضَبُ/ كَمَا يَغْضَبُونَ، وَإِنَّمَا بعثني الله رحمة للعالمين فاجعلها عَلَيْهِمْ صَلَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَوَاللَّهِ (لَتَنْتَهِيَنَّ) (١) أَوْ لأكتبن إِلَى عُمَرَ (٢).

فَتَأَمَّلُوا مَا أَحْسَنَ هَذَا الْفِقْهَ مِنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ جَارٍ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَمِنْ هُنَا لَا يَنْبَغِي لِلرَّاسِخِ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ: هَؤُلَاءِ الْفِرَقُ هُمْ بَنُو فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِعَلَامَتِهِمْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا فِي مَوْطِنَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَيْثُ/ نَبَّهَ الشَّرْعُ عَلَى تَعْيِينِهِمْ كَالْخَوَارِجِ، فإنه ظهر من استقرائه أنهم متمكنون (في الدخول) (٣) تَحْتَ حَدِيثِ الْفِرَقِ، وَيَجْرِي مَجْرَاهُمْ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ شِيعَةُ الْمَهْدِيِّ الْمَغْرِبِيِّ، فَإِنَّهُ ظَهَرَ فِيهِمُ الْأَمْرَانِ اللَّذَانِ عَرَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا (فِي) (٤) الْخَوَارِجِ مِنْ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، وَأَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ (أَهْلَ) (٥) الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا أَنْفُسَهُمْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِقْرَائِهِ حتى ابتدعوا فيه ثم لم يتفقوا فيه، ولا عرفوا مقاصده، ولذلك (اطرحوا) (٦) كُتُبَ الْعُلَمَاءِ وَسَمَّوْهَا/ كُتُبَ الرَّأْيِ وَخَرَقُوهَا وَمَزَّقُوا أُدُمَهَا، مَعَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ هُمُ الَّذِينَ بَيَّنُوا فِي كُتُبِهِمْ مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، وَأَخَذُوا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِتَأْوِيلٍ/ فَاسِدٍ، زَعَمُوا عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ مُجَسِّمُونَ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مُوَحِّدِينَ، وَتَرَكُوا الِانْفِرَادَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ من النصارى المجاورين لَهُمْ وَغَيْرِهِمْ.

فَقَدِ اشْتُهِرَ فِي الْأَخْبَارِ/ وَالْآثَارِ مَا كَانَ مِنْ خُرُوجِهِمْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ/ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ وغيره،


(١) في (م): "لتتبين".
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٤٦٥٩) والطبراني في المعجم الكبير (٦١٥٦ و٦١٥٧)، وأصل الحديث في البخاري في الدعوات برقم (٦٣٦١)، ومسلم في البر والصلة، باب من لعنه النبي صلّى الله عليه وسلّم أو سبه برقم (٢٦٠٠).
(٣) زيادة من (غ) و (ر).
(٤) زيادة من (غ) و (ر)
(٥) ساقط من (م).
(٦) في (ط) و (خ) و (ت): "طرحوا".