للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} الْآيَةَ. فَبَيَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ أَهْلَ الزَّيْغِ يَتَّبِعُونَ مُتَشَابِهَاتِ الْقُرْآنِ، وَجَعَلُوا مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْمُتَشَابِهَ لَا الْمُحْكَمَ. وَمَعْنَى الْمُتَشَابِهِ: مَا أُشْكِلَ معناه، ولم (يتبين) (١) مغزاه، كَانَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْحَقِيقِيِّ (٢) ـ كَالْمُجْمَلِ مِنَ الْأَلْفَاظِ وما يظهر (منه) (٣) التَّشْبِيهِ (٤) ـ أَوْ مِنَ/ الْمُتَشَابِهِ الْإِضَافِيِّ ـ وَهُوَ (مَا يَحْتَاجُ) (٥) فِي بَيَانِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ إِلَى دَلِيلٍ خَارِجِيٍّ ـ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ ظَاهِرَ الْمَعْنَى لِبَادِي الرَّأْيِ/ كَاسْتِشْهَادِ الْخَوَارِجِ عَلَى إِبْطَالِ/ التَّحْكِيمِ بقوله: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} (٦) فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ صَحِيحٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا عَلَى التَّفْصِيلِ فَمُحْتَاجٌ إِلَى الْبَيَانِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (٧)، لِأَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ (لِلَّهِ) (٨) تَارَةً بِغَيْرِ تحكيم (وتارة بتحكيم) (٩)، لِأَنَّهُ إِذَا أَمَرَنَا بِالتَّحْكِيمِ فَالْحُكْمُ بِهِ حُكْمُ اللَّهِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ. (فَإِنَّهُمْ حصروا (الحكم في قسمين) (١٠) وَتَرَكُوا قِسْمًا ثَالِثًا) (١١) وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ (عَلَيْهِ) (١٢) قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (١٣) الْآيَةَ فَهَذَا قِتَالٌ مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ، لَكِنَّ ابن عباس رضي الله عنه (نبههم) (١٤) على وجه أظهر وهو (أن) (١٥)


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يبين".
(٢) انظر: ما ذكره الشاطبي عن المتشابه الحقيقي والإضافي في الموافقات (٣ ٥٤ ـ ٥٨).
(٣) في (ط): "من".
(٤) يظهر أن الشاطبي يرى أن نصوص الصفات من المتشابه وتقدم التعليق على هذه المسألة (٣/ ١١٨).
(٥) في (غ) و (ر): "مما احتاج".
(٦) سورة يوسف: الآية (٤٠).
(٧) تقدم (٣/ ١١٨).
(٨) في (غ) و (ر): "إلا لله".
(٩) ما بين القوسين ساقط من (ط) و (خ). وفي (غ) و (ر): و"تارة بالتحكيم".
(١٠) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "التحكيم في القسمين".
(١١) في (ت): "بياض بمقدار سطر".
(١٢) زيادة من (خ) و (غ) و (ر).
(١٣) سورة الحجرات: الآية (٩).
(١٤) في (ط): "نبهم".
(١٥) ساقط من (م) و (خ) و (غ) و (ر).