للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ نَصَارَى نَجْرَانَ (١)، وَقَصْدِهِمْ أَنْ يُنَاظِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيسَى بن مريم عليهما السلام، وأنه (الإله) (٢)، أَوْ أَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، مُسْتَدِلِّينَ بِأُمُورٍ مُتَشَابِهَاتٍ من قوله: (جعلنا) (٣)، وَخَلَقْنَا، وَهَذَا/ كَلَامُ جَمَاعَةٍ، وَمِنْ أَنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ كَلَامُ طَائِفَةٍ أخرى (منهم) (٤)، وَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى أَصْلِهِ وَنَشْأَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَكَوْنِهِ كَسَائِرِ بَنِي آدَمَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَتَلْحَقُهُ الْآفَاتُ وَالْأَمْرَاضُ. وَالْخَبَرُ مَذْكُورٌ فِي السِّيَرِ (٥).

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَتَوْا لِمُنَاظَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُجَادَلَتِهِ لَا (بقصد) (٦) اتِّبَاعَ الْحَقِّ. وَالْجِدَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْقَطِعُ، وَلِذَلِكَ لَمَّا بيَّن لَهُمُ/ الْحَقَّ (وَلَمْ) (٧) يَرْجِعُوا (عَنْهُ) (٨) دُعُوا إِلَى أَمْرٍ آخَرَ خَافُوا مِنْهُ الْهِلْكَةَ فَكَفُّوا عَنْهُ، وَهُوَ الْمُبَاهَلَةُ (٩)، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} (١٠)، وَشَأْنُ هَذَا الْجِدَالِ أَنَّهُ شَاغِلٌ عَنْ ذِكْرِ الله وعن الصلاة، كالنرد، والشطرنج (ونحوهما) (١١).

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ (١٢) أَنَّهُ قال: جلس/ عمرو بن عبيد


(١) انظر: تفسير ابن جرير (٦ ٤٦٧ ـ ٤٧٥).
(٢) في (ط) و (خ): "الله".
(٣) في (ط) و (خ) و (غ) و (ر): "فقلنا".
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) انظر: طبقات ابن سعد (١ ٣٥٧)، وتهذيب السير لابن هشام (١ ٥٧٣). وتفسير ابن جرير (٦ ١٥١).
(٦) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يقصدوا".
(٧) في (غ) و (ر): "لم".
(٨) في (غ) و (ر): "حتى".
(٩) المباهلة: هي الملاعنة، وهي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء، فيقولون: لعنة الله على الظالم منا. انظر لسان العرب، مادة: بهل.
(١٠) سورة آل عمران: الآية (٦١).
(١١) في (ط): "وغيرهما".
(١٢) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي، تقدمت ترجمته.