للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ الَّتِي لَدَيْنَا الْمُشْتَرَطُ فِيهَا الصِّحَّةُ (١).

/وَثَانِيًا: أَنَّ تِلْكَ الْفِرَقَ إِنْ عُدَّتْ (هنالك ثلاثاً فإنما عدت هنا) (٢) وَاحِدَةً لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي أَصْلِ الِاتِّبَاعِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ (عَدَمِهَا) (٣)، وَفِي كَيْفِيَّةِ الأمر والنهي خاصة.

فهذه الفرق لا (تتنافى لصحة) (٤) الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ فِي مِلَّتِنَا بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى مَرَاتِبَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِالْيَدِ وَهُمُ الْمُلُوكُ (وَالْحُكَّامُ) (٥) وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدِرُ بِاللِّسَانِ كَالْعُلَمَاءِ وَمَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْدِرُ إِلَّا بِالْقَلْبِ، إِمَّا مَعَ الْبَقَاءِ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ (إِذْ لَمْ يَقْدِرْ) (٦) عَلَى الْهِجْرَةِ أَوْ مَعَ الْهِجْرَةِ إِنْ (قَدَرَ) (٧) /عَلَيْهَا، وجميع ذلك (خصلة) (٨) وَاحِدَةٌ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الحديث قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنِ الْإِيمَانِ حَبَّةَ خَرْدَلٍ" (٩).

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّنَا عدُّ النَّاجِيَةِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثًا بِاعْتِبَارٍ، وَعَدُّهَا وَاحِدَةً بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا يَبْقَى النَّظَرُ فِي عَدِّهَا اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فَتَصِيرُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ سَبْعِينَ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ فِرَقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِرَقِ غَيْرِهَا، مَعَ قَوْلِهِ: (لتركبن سنن من كان قبلكم


(١) لا يلزم عدم ورود الحديث في الكتب التي اشترط أصحابها الصحة عدم صحة الحديث، بل هناك أحاديث صحيحة كثيرة في كتب لم يلتزم أصحابها صحة كل ما فيها.
(٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "هنا ثلاثاً فإنما عدت هناك".
(٣) في (غ) و (ر): "في عدمها".
(٤) في (ط) و (خ) و (ت): "لا تنافي الصحة".
(٥) في (ط) و (خ): "والحكماء".
(٦) في (غ) و (ر): "إذا لم يقدروا".
(٧) في (غ) و (ر): "قدروا".
(٨) في (ط): "خطة".
(٩) أخرجه مسلم (٤٩)، وأحمد في المسند (٣ ١٠ و٢٠ و٤٩ و٥٤)، وابن ماجه (١٢٧٥ و٤٠١٣)، وأبو داود (١١٤٠ و٤٣٤٠)، والنسائي في المجتبى (٥٠٠٨)، وفي السنن الكبرى (١١٧٣٩)، وأبو يعلى (١٠٠٩)، وابن حبان (٣٠٦ و٣٠٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (١١٢٩٣ و١٤٣٢٥ و١٩٩٦٦).