للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِدَعَ لَا تَقَعُ مِنْ رَاسِخٍ فِي الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا تَقَعُ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ الْمُتَصَرِّفِينَ فِي أَدِلَّتِهَا، وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّ فُلَانًا رَاسِخٌ فِي الْعِلْمِ وَفُلَانًا غَيْرُ رَاسِخٍ، فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَ وَانْحَازَ (إِلَى فرقة) (١) يزعم أنه الراسخ، (وغيره) (٢) قاصر النظر (لم ترسخ قدمه في العلم) (٣)، فَإِنْ فُرِضَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلَبِ عَلَامَةٌ وَقَعَ النِّزَاعُ إِمَّا فِي الْعَلَامَةِ، وَإِمَّا فِي مَنَاطِهَا.

/ومثال ذلك أن (من علامات) (٤) الخروج/ (عن) (٥) الْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةُ الْمُنَبِّهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} (٦).

/والفرقة بشهادة الجميع (إضافية) (٧) فَكُلُّ طَائِفَةٍ تَزْعُمُ أَنَّهَا هِيَ الْجَمَاعَةُ وَمَنْ سِوَاهَا مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ.

وَمِنَ الْعَلَامَاتِ/ اتِّبَاعُ مَا تشابه من الأدلة، وكل (فرقة) (٨) تَرْمِي صَاحِبَتَهَا بِذَلِكَ (وَأَنَّهَا) (٩) هِيَ الَّتِي اتَّبَعَتْ أُمَّ الْكِتَابِ دُونَ الْأُخْرَى فَتَجْعَلُ دَلِيلَهَا عُمْدَةً (وَتَرُدُّ) (١٠) إِلَيْهِ سَائِرَ الْمَوَاضِعِ بِالتَّأْوِيلِ عَلَى عَكْسِ/ الأخرى.

ومنها اتباع الهوى (وهو) (١١) الَّذِي تَرْمِي بِهِ كُلُّ فِرْقَةٍ صَاحِبَتَهَا وَتُبَرِّئُ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَلَا يُمْكِنُ فِي الظَّاهِرِ مَعَ هَذَا أَنَّ يَتَّفِقُوا عَلَى مَنَاطِ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَيْهَا لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُمْ بها بحيث (يشار) (١٢) (إليهم) (١٣) بتلك


(١) في (غ) و (ر): "لفرقة".
(٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وغير".
(٣) زيادة من (غ) و (ر).
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "علامة".
(٥) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "من".
(٦) سورة آل عمران: الآية (١٠٥).
(٧) في (ط) و (خ): وإضافية.
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "طائفة".
(٩) في (غ) و (ر): "وإنما".
(١٠) في (م) و (غ) و (ر): وإما ترد.
(١١) زيادة من (م) و (غ) و (ر).
(١٢) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يشير".
(١٣) في (غ) و (ر): "إليها".