للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا أَلْفَاظُهَا فَظَاهِرَةٌ لِلْعِيَانِ، وَأَمَّا مَعَانِيهَا وَأَسَالِيبُهَا فَكَانَ مِمَّا/ يُعْرَفُ مِنْ مَعَانِيهَا اتِّسَاعُ لِسَانِهَا، وَأَنْ تُخَاطِبَ بِالشَّيْءِ مِنْهُ عَامًّا ظَاهِرًا يُرَادُ به (العام) (١) الظَّاهِرُ، (وَيُسْتَغْنَى بِأَوَّلِهِ عَنْ آخِرِهِ، وَعَامًّا ظَاهِرًّا يراد به العام ويدخله الخاص، ويستدل على هَذَا بِبَعْضِ الْكَلَامِ، وَعَامًّا ظَاهِرًا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ) (٢) وَظَاهِرًا (يُعْرَفُ) (٣) فِي سِيَاقِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ الظَّاهِرِ، وَالْعِلْمُ بِهَذَا كُلِّهِ مَوْجُودٌ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخره.

وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول اللفظ فيه عن آخره، أو (يبين) (٤) / آخره عن أوله، وتتكلم بِالشَّيْءِ تَعْرِفُهُ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ كَمَا تَعْرِفُ (بِالْإِشَارَةِ) (٥)، وَهَذَا عِنْدَهَا مِنْ أَفْصَحِ كَلَامِهَا، لِانْفِرَادِهَا بِعِلْمِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ يَجْهَلُهُ، وَتُسَمِّي الشَّيْءَ (الواحد) (٦) (بالأسماء) (٧) الكثيرة، (وتضع) (٨) اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لِلْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ.

فَهَذِهِ كُلُّهَا مَعْرُوفَةٌ (عِنْدَهَا) (٩) وَتُسْتَنْكَرُ عِنْدَ غَيْرِهَا،/ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَعْرِفُهَا مَنْ زَاوَلَ كَلَامَهُمْ وَكَانَتْ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ وَثَبَتَ رُسُوخُهُ فِي عِلْمِ ذَلِكَ.

فَمِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءِ (وَكِيلٌ) (١٠)، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (١١) فَهَذَا مِنَ الْعَامِّ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا خُصُوصَ (فِيهِ) (١٢) فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ سَمَاءٍ وَأَرْضٍ وَذِي رُوحٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاللَّهُ خَالِقُهُ، وكل دابة على الله رزقها،


(١) زيادة من (غ) و (ر).
(٢) ما بين () ساقط من (غ) و (ر).
(٣) ساقط من (غ) و (ر).
(٤) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): بين.
(٥) في (م) و (غ) و (ر): "الإشارة".
(٦) ساقط من (غ) و (ر).
(٧) في (م): "الأشياء".
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "وتوقع".
(٩) ما بين القوسين زيادة من (ط) و (غ) و (ر).
(١٠) في (ت): "قدير".
(١١) سورة هود: الآية (٦).
(١٢) ساقط من (غ) و (ر).