للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أسهلن) (١) بنا إلى أَمْرٌ نَعْرِفُهُ ـ الْحَدِيثَ (٢).

فَوَجْهُ الشَّاهِدِ مِنْهُ أَمْرَانِ: قَوْلُهُ: (اتَّهِمُوا الرَّأْيَ) فَإِنَّ مُعَارَضَةُ (الظَّوَاهِرِ) (٣) فِي غَالِبِ الْأَمْرِ رَأْيٌ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى (أَصْلٍ) (٤) يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ النُّكْتَةُ فِي الْبَابِ: وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي شَرْعِ اللَّهِ مِمَّا يُصَادِمُ الرَّأْيَ فَإِنَّهُ حَقٌّ يَتَبَيَّنُ عَلَى التَّدْرِيجِ حَتَّى يَظْهَرَ فَسَادُ ذَلِكَ الرَّأْيِ، وَأَنَّهُ كَانَ شُبْهَةً عَرَضَتْ وَإِشْكَالًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلْتَفَتَ إِلَيْهِ، بَلْ يُتَّهَمُ أَوَّلًا وَيُعْتَمَدُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنِ الْيَوْمَ تَبَيَّنَ غَدًا/، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ أَبَدًا فَلَا حَرَجَ، فَإِنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى.

وَفِي الصحيح عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ/ (هِشَامَ) (٥) بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكِدْتُ/ أَسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ، فَصَبَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، (فَلَبَّبَتْهُ) (٦) بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ. فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ/ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا/ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ


(١) في (ت): انتهى.
(٢) أخرجه بنصه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢ ٣٨)، وأصل الحديث أخرجه البخاري (٧٣٠٨ و٣١٨٢، و٤١٨٩ و٤٨٤٤ و٣١٨١)، وسعيد بن منصور في سننه ـ تحقيق الأعظمي ـ (٢٩٦٩)، ومسلم (١٧٨٥)، والحميدي في مسنده (٤٠٤) وابن أبي شيبة في المصنف (١٩٧١٧)، وأحمد في المسند، (٣ ٤٨٥)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١٩١١ و١٩١٢) والطبراني في المعجم الصغير (٧٧٥)، وفي الكبير (٥٥٩٨ ـ٥٦٠٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٨٥٩٣).
(٣) في (غ) و (ر): "الظاهر".
(٤) في (غ) و (ر): "شيء أصل".
(٥) في (ت): همام، والصواب هشام، هو هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي، له صحبة ورواية في مسلم وأبي داود والنسائي، توفي في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه، انظر: الجرح والتعديل (٩ ٥٣)، والسير (٣ ٥١).
(٦) في (م): "فلتفته".