للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدِ رَبِّنَا} (١) يَعْنِي الْوَاضِحَ الْمُحْكَمَ، وَالْمُتَشَابِهَ الْمُجْمَلَ، إِذْ لَا يَلْزَمُهُ الْعِلْمُ بِهِ، وَلَوْ لَزِمَ الْعِلْمُ بِهِ (لَجُعِلَ) (٢) لَهُ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِلَّا كَانَ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ. وَإِمَّا أَنْ يَتَأَوَّلَهُ عَلَى مَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِمُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لِأَنَّ إِنْكَارَهُ إِنْكَارٌ لِخَرْقِ الْعَادَةِ فِيهِ.

وَعَلَى هَذَا السَّبِيلِ يَجْرِي حُكْمُ الصِّفَاتِ الَّتِي وَصَفَ الْبَارِي بِهَا نَفْسَهُ، لِأَنَّ مَنْ نَفَاهَا نَفَى شِبْهَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَهَذَا مَنْفِيٌّ عند (الجميع) (٣)، فَبَقِيَ الْخِلَافُ/ فِي نَفْيِ (عَيْنِ) (٤) / الصِّفَةِ أَوْ إثباتها، (فالمثبت) (٥) أثبتها صفة عَلَى شَرْطِ (نَفْيِ) (٦) التَّشْبِيهِ، وَالْمُنْكِرُ لِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ صِفَةٌ غَيْرُ شَبِيهَةٍ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ مُنْكِرٌ لِأَنْ يَثْبُتَ أَمْرٌ إِلَّا عَلَى وَفْقِ الْمُعْتَادِ.

فَإِنْ قَالُوا: هَذَا لَازِمٌ فِيمَا تُنْكِرُهُ الْعُقُولُ بَدِيهَةً، كَقَوْلِهِ: (رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتَكْرَهُوا عَلَيْهِ) (٧) فَإِنَّ الْجَمِيعَ أَنْكَرُوا ظَاهِرَهُ، إذ العقل/ (والمحسوس) (٨) يَشْهَدَانِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ، وَأَنْتَ تَقُولُ: اعْتَقَدُوا أَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ، وَتَأَوَّلُوا الْكَلَامَ.

/قِيلَ: لَمْ نَعْنِ مَا هُوَ (مُنْكَرٌ بِبَدَاهَةِ) (٩) الْعُقُولِ، وَإِنَّمَا عَنَيْنَا ما للنظر


(١) سورة آل عمران: الآية (٧).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (م).
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ): "الجمهور".
(٤) في (م) و (غ) و (ر): "غير".
(٥) في (م): "فالمثال". وفي (غ) و (ر): فالمتأول.
(٦) في (م): "يعني".
(٧) قال الألباني في إرواء الغليل: صحيح ... والمشهور في كتب الفقه بلفظ: ": (رفع عن أمتي ... ) ولكنه منكر ... والمعروف ما أخرجه ابن ماجه (١ ٦٣٠)، من طريق الوليد بن مسلم ... عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: (إن الله وضع عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتَكْرَهُوا عَلَيْهِ) ... إلخ. انظر: الإرواء (١ ١٢٣) برقم (٨٢) ففيه تفصيل مطول للحديث.
(٨) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: (والحس) نبه عليه رشيد رضا، والله تعالى أعلم.
(٩) في (م): من بدائه، وفي (غ) و (ر): بدائه.