للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ لأَنْزَلَ مَلاَئِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ} (١)، وَعَنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ/ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِهِ تعالى: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *} / أؤ إ ئء ف (ص)!! {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ *قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ *} (٢)، إلى (غير) (٣) ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ، فَكَانَ الْجَمِيعُ مَذْمُومِينَ حين اعتبروا (الرجال) (٤) وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْحَقَّ تَابِعٌ لَهُمْ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلى أن الحق هو المقدم (على الرجال) (٥).

وَالثَّانِي: رَأْيُ الْإِمَامِيَّةِ (٦) فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ ـ فِي زَعْمِهِمْ ـ وَإِنْ خَالَفَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ الْمَعْصُومُ حَقًّا، وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ فَحَكَّمُوا الرِّجَالَ عَلَى الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُحَكِّمُوا الشَّرِيعَةَ عَلَى الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ لِيَكُونَ حَكَمًا عَلَى الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ.

/وَالثَّالِثُ: لَاحِقٌ بِالثَّانِي، وَهُوَ مَذْهَبُ الْفِرْقَةِ الْمَهْدَوِيَّةِ (٧) الَّتِي جَعَلَتْ أَفْعَالَ مَهْدِيِّهِمْ حُجَّةً، وَافَقَتْ حُكْمَ الشَّرِيعَةِ أَوْ خَالَفَتْ، بَلْ جَعَلُوا أَكْثَرَ ذَلِكَ أَنْفِحَةً فِي عَقْدِ إِيمَانِهِمْ، مَنْ خَالَفَهَا كَفَّرُوهُ وَجَعَلُوا حُكْمَهُ حُكْمَ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ،/ وَقَدْ تَقَدَّمَ من ذلك أمثلة.

والرابع: رأي بعض الْمُقَلِّدَةِ لِمَذْهَبِ إِمَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ إِمَامَهُمْ هُوَ الشَّرِيعَةُ، بِحَيْثُ يَأْنَفُونَ أَنْ تُنْسَبَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَضِيلَةٌ دُونَ إِمَامِهِمْ، حَتَّى إِذَا جاءهم (أحد ممن) (٨) بلغ درجة الاجتهاد وتكلم في المسائل


(١) سورة المؤمنون: الآية (٢٤).
(٢) سورة الشعراء: الآيات (٧٢ ـ ٧٤).
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "آخر".
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) انظر الملحق رقم (١).
(٧) الظاهر أنه يقصد بذلك الموحدين أتباع المهدي ـ المزعوم ـ محمد بن تومرت، والذي ظهر سنة بضع وخمسمائة، وتوفي سنة ٥٢٤هـ، وكان ينتسب إلى الحسن رضي الله عنه، وقد ادعى المهدية غيره كثير منهم عبيد الله بن ميمون القداح الباطني. انظر ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٤ ٩٨ ـ ١٠٢).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "من".