للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَأْتِ إِلَّا فِي لُغَةٍ مَرْذُولَةٍ لَا يُؤْخَذُ بِهَا وَلَا يُقْرَأُ بِهَا الْقُرْآنُ، وَلَا نُقِلَتِ الْقِرَاءَةُ بِهَا/ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ الشَّأْنِ، وَإِنَّمَا الْبَاءُ الَّتِي يَقْرَأُ بِهَا ـ وَهِيَ الْمَوْجُودَةُ فِي كُلِّ لُغَةٍ فَصِيحَةٍ ـ الْبَاءُ الشَّدِيدَةُ، فَأَبَى هَؤُلَاءِ مِنِ الْقِرَاءَةِ والإقراء بها، بناء على أن (التي) (١) قرأوا (بِهَا) (٢) عَلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَقُوهُمْ هِيَ تِلْكَ لَا هَذِهِ، مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا/ عُلَمَاءَ وَفُضَلَاءَ، فَلَوْ كَانَتْ خَطَأً (لَرَدُّوهَا) (٣) عَلَيْنَا، وَأَسْقَطُوا النَّظَرَ وَالْبَحْثَ عَنْ أَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهَا رَأْسًا تَحْسِينَ ظَنٍّ بِالرِّجَالِ، وَتُهَمَةً لِلْعِلْمِ، فَصَارَتْ بِدْعَةً جَارِيَةً (في الناس) (٤) ـ أَعْنِي الْقِرَاءَةَ بِالْبَاءِ الرَّخْوَةِ ـ مُصَرَّحًا بِأَنَّهَا الْحَقُّ الصَّرِيحُ، فَنُعَوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ.

وَلَقَدْ لَجَّ بَعْضُهُمْ حِينَ وُجِّهُوا بِالنَّصِيحَةِ فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَكَانَ القرشي (المغربي) (٥) أَقْرَبَ مَرَامًا مِنْهُمْ.

حُكِيَ/ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ (٦) أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ/ بِقُرْطُبَةَ (٧) مُقْرِئًا يُعْرَفُ بِالْقُرَشِيِّ، وَكَانَ لَا يُحْسِنُ النَّحْوَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ قَارِئٌ يَوْمًا: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ *} (٨) فردَّ عَلَيْهِ الْقُرَشِيُّ: تحيدٌ بِالتَّنْوِينِ، فَرَاجَعَهُ الْقَارِئُ ـ وَكَانَ يُحْسِنُ النَّحْوَ ـ (فلجَّ) (٩) عَلَيْهِ الْمُقْرِئُ وَثَبَتَ عَلَى التَّنْوِينِ، فَانْتَشَرَ الْخَبَرُ إِلَى أَنْ بَلَغَ يَحْيَى بْنَ مُجَاهِدٍ الْأَلْبِيرِيَّ الزَّاهِدَ (١٠) وَكَانَ صَدِيقًا لهذا المقري، فَنَهَضَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سلَّم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَنْ


(١) في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "الذي".
(٢) في (غ) و (ر): "به".
(٣) في (غ) و (ر): "يردونا".
(٤) زيادة من (غ) و (ر).
(٥) في (غ) و (ر): "المقري".
(٦) لم أجد له ترجمة فيما اطلعت عليه من مصادر، وفي تراجم الأندلسيين من اسمه: يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث أبو الوليد ويعرف بابن القصار القرطبي (ت٤٢٩هـ) له ترجمة في الديباج المذهب (٢ ٣٧٤)، لكن ليس هو المقصود، لأن القصة حدثت مع يحيى بن مجاهد ـ تقدمت ترجمته ـ وتوفي يحيى بن مجاهد (٣٣٦هـ).
(٧) هي عاصمة بني أمية في الأندلس، وهي تقع ـ تقريباً ـ في وسط الأندلس. انظر: معجم البلدان (٤ ٣٢٤).
(٨) سورة ق: الآية (١٩).
(٩) في (ت) و (م) و (غ) و (ر): "فلح".
(١٠) تقدمت ترجمته (٢ ٤٤١).