للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرَّاسِخَةَ فِي الْقُلُوبِ، الْمُتَدَاوَلَةَ فِي (الْأَعْمَالِ) (١)، دِينًا يُتَعَبَّدُ بِهِ، وَشَرِيعَةً يُسْلَكُ عَلَيْهَا، لَا حُجَّةَ له عليها (٢) (إِلَّا عَمَلُ (٣)) (٤) الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، مَعَ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ المعلمين (٥)، كَانُوا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ أَمْ لَا، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى أَنَّهُمْ عِنْدَ موافقتهم للآباء والأشياخ مخالفون للسلف الصالح.

فالمتعرض لمثل هذا الأمر بالقول (٦) يَنْحُو نَحْوَ (٧) عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْعَمَلِ، حَيْثُ قَالَ: "أَلَا وَإِنِّي أُعَالِجُ أَمْرًا لَا يُعِينُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ، قَدْ فَنِيَ عَلَيْهِ الْكَبِيرُ، وكَبُر عَلَيْهِ الصَّغِيرُ، وَفَصُحَ عَلَيْهِ الْأَعْجَمِيُّ، وَهَاجَرَ عَلَيْهِ الْأَعْرَابِيُّ، حَتَّى حَسِبُوهُ دِينًا لَا يَرَوْنَ الْحَقَّ غَيْرَهُ" (٨).

وَكَذَلِكَ مَا نَحْنُ (٩) بِصَدَدِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَمْرٌ لَا سَبِيلَ إِلَى إِهْمَالِهِ وَلَا يسع أحداً ممن له مُنَّة فيه (١٠) إِلَّا الْأَخْذُ بِالْحَزْمِ وَالْعَزْمِ فِي بَثِّهِ، بَعْدَ تَحْصِيلِهِ عَلَى كَمَالِهِ، وَإِنْ كَرِهَ الْمُخَالِفُ فَكَرَاهِيَتُهُ لَا حُجَّةَ فِيهَا عَلَى الْحَقِّ إِلَّا يُرَفْعُ مناره، ولا تخسف أَنْوَارُهُ (١١)، فَقَدْ خرَّج أَبُو الطَّاهِرِ السَّلَفِيُّ (١٢) بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ عَلِّمِ النَّاسَ الْقُرْآنَ وتعلَّمه، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ وَأَنْتَ كَذَلِكَ زَارَتِ الْمَلَائِكَةُ قَبْرَكَ كَمَا يُزَارُ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ، وعلِّم النَّاسَ سُنَّتِي وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَلَّا تُوقَفَ عَلَى الصِّرَاطِ طرفة


(١) في (م) و (ت) و (خ): "العمال"، والمثبت هو ما صححت به الكلمة في هامش (خ)، وهي كذلك في (ط).
(٢) ساقطة من (ط).
(٣) ساقطة من (غ).
(٤) ما بين المعكوفين ساقطة من (م) وأصل (خ) و (ت)، ومثبت في (ط) وهامش (خ) و (ت).
(٥) هكذا في (ر)، وفي بقية النسخ: "العالمين".
(٦) في (غ): "هذا الأمر بالقول ينمو".
(٧) النحو: القصد والطريق. يقال: نحا نحوه أي قصد قصده. الصحاح (٦/ ٢٥٣).
(٨) انظر: سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم (ص٤٢).
(٩) ساقطة من أصل (ت) ومثبتة في هامشها.
(١٠) ساقط من جميع النسخ عدا (ر).
(١١) هكذا في جميع النسخ الخطية، وفي (ط) وهامش (خ): "ولا تكشف وتجلي أنواره" وهي أصوب.
(١٢) هو أحمد بن محمد بن إبراهيم سلفة الحافظ الكبير المعمر، أبو طاهر السلفي الأصبهاني، وكان يلقب بصدر الدين وكان شافعي المذهب، أخذ اللغة عن الخطيب التبريزي، وسمع الحديث الكثير، وقد نزل الإسكندرية، وبنيت له فيها مدرسة تعرف باسمه، وأمّا أماليه وكتبه وتعاليقه فكثيرة جداً. توفي سنة ٥٧٦هـ.
انظر: البداية والنهاية (١٢/ ٣٢٨)، طبقات الشافعية (٤/ ٢٣٠)، شذرات الذهب (٤/ ٢٧).