للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا (رَأَيْتُمُ) (١) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ (٢) فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ (٣) " (٤).

وَهَذَا التَّفْسِيرُ مُبْهَمٌ (٥)، وَلَكِنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} الْآيَةَ، قَالَ: "فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى (٦) اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ" (٧)، وَهَذَا أبينَ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَلَامَةَ الزَّيْغِ الْجِدَالَ فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا الْجِدَالُ مُقَيَّدٌ بِاتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ.

فَإِذًا الذَّمُّ إِنَّمَا لَحِقَ مَنْ جَادَلَ فِيهِ بِتَرْكِ الْمُحْكَمِ ـ وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ وَمُعْظَمُهُ ـ وَالتَّمَسُّكِ بِمُتَشَابِهِهِ (٨).

وَلَكِنَّهُ بَعْدُ مُفْتَقِرٌ إِلَى تَفْسِيرٍ أَظْهَرَ، فَجَاءَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ وَاسْمُهُ حَزَوَّر (٩) قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ، فبعث المهلب (١٠) سبعين رأساً من


(١) في (م) و (خ) و (ت): "رأيتهم".
(٢) ساقطة من (غ).
(٣) في (م): "فاحذرهم".
(٤) رواه الإمام البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، باب منه آيات محكمات، عن عائشة وذكره (٨/ ٢٠٩ مع الفتح)، ورواه الإمام مسلم في كتاب العلم من صحيحه (١٦/ ٢١٧ بشرح النووي)، والإمام أبو داود في كتاب السنة من سننه، باب مجانبة أهل الأهواء برقم (٤٥٩٨) (٤/ ١٩٨)، والإمام الترمذي في كتاب التفسير من صحيحه برقم (٢٩٩٤)، وقال: حسن صحيح (٥/ ٢٠٧)، والإمام الدارمي في المقدمة من سننه، باب من هاب الفتيا وكره التبدع والتنطع (١/ ٦٦)، والإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١١٨)، والإمام ابن أبي عاصم في السنة (١/ ٩)، والإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى (٢/ ٦٠٣ ـ ٦٠٤)، والبيهقي في دلائل النبوة (٦/ ٥٤٥).
(٥) في (م): "منهم".
(٦) في (خ): "عن".
(٧) رواه الإمام أحمد في المسند (٦/ ٤٨)، والإمام ابن ماجه في المقدمة من سننه برقم (٤٧) (١/ ١٨)، والإمام الآجري في الشريعة (ص٢٦)، والإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى (٢/ ٦٠٢)، وصححه الشيخ الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه (١/ ١٤ ـ ١٥).
(٨) في (خ): "بمشابهه".
(٩) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "جرور"، والصواب المثبت، وهو صاحب أبي أمامة رضي الله عنه، قيل: اسمه حزور، وقيل: سعد بن الحزور، وقيل: نافع، قال ابن حجر: "صدوق يخطئ"، وضعفه النسائي، وقال ابن حبان: لا يحتجّ به.
انظر: التقريب (٢/ ٤٦٠)، الكاشف للذهبي (٣/ ٣٢٢)، تهذيب التهذيب (١٢/ ١٩٧).
(١٠) هو أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة، واسمه ظالم بن سارق العتكي، كان من ثقات=