للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عبد الرحمن بن مهدي (١) قال (٢): سُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ السُّنَّةِ؟ قَالَ: "هِيَ مَا لَا اسْمَ لَهُ غَيْرُ السُّنَّةِ، وَتَلَا {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٣) " (٤).

قَالَ بَكْرُ بْنُ الْعَلَاءِ (٥): يُرِيدُ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ لَهُ خَطًّا (٦)، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

فَهَذَا التَّفْسِيرُ (٧) يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْآيَةِ لِجَمِيعِ طُرُقِ الْبِدَعِ، لَا تَخْتَصُّ بِبِدْعَةٍ دُونَ أُخْرَى.

وَمِنَ الْآيَاتِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ *} (٨)، فَالسَّبِيلُ الْقَصْدُ هُوَ طَرِيقُ الْحَقِّ، وَمَا سِوَاهُ (من الطرق) (٩) جَائِرٌ عَنِ الْحَقِّ، أَيْ عَادِلٌ عَنْهُ، وَهِيَ طُرُقُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ، أَعَاذَنَا (١٠) اللَّهُ مِنْ سُلُوكِهَا بِفَضْلِهِ، وَكَفَى بِالْجَائِرِ أَنْ يُحَذَّرَ مِنْهُ، فَالْمَسَاقُ يدل على التحذير والنهي.


(١) هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، الإمام، الناقد، سيد الحفاظ، روى عن الإمام مالك وابن الماجشون وغيرهما، وروى عنه ابن المبارك وابن وهب وأحمد وغيرهم. وكان إماماً حجة قدوة في العلم والعمل. توفي بالبصرة سنة ١٩٨هـ.
(٢) في جميع النسخ: "قد"، عدا (غ).
انظر: التاريخ الكبير (٥/ ٣٥٤)، الحلية (٩/ ٣)، السير (٩/ ١٩٢)، تقريب التهذيب (١/ ٤٩٩).
(٣) سورة الأنعام، آية (١٥٣).
(٤) انظر: كتاب الانتقاء لابن عبد البر (ص٣٥)، وفي معناه ما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك، قال: سأل رجل مالكاً من أهل السنة يا أبا عبد الله؟ قال: "الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي، ولا رافضي، ولا قدري". انظر: ترتيب المدارك (١/ ١٧٢).
(٥) تقدمت ترجمته (ص٨٥).
(٦) في (ت): "خططاً".
(٧) في (خ): "فهذا الحديث التفسير".
(٨) سورة النحل، آية (٩).
(٩) ما بين المعكوفين ساقط من جميع النسخ، عدا (غ) و (ر).
(١٠) في (غ): "أنقذنا".