للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَهْوَاءِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مَحْبُوبٍ، وَمَذْمُومٌ غَيْرُ مَحْمُودٍ.

وَفِيمَا نُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (١)، قَالَ فِي الْمُخْتَلِفِينَ: "إِنَّهُمْ أَهْلُ الْبَاطِلِ، {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} قال: أهل (٢) الحق ليس بينهم اخْتِلَافٌ" (٣).

وَرُوِيَ (٤) عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ (٥) أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ كَانَتِ الْأَهْوَاءُ كُلُّهُا (٦) وَاحِدًا لَقَالَ الْقَائِلُ: لَعَلَّ الْحَقَّ فِيهِ، فَلَمَّا تَشَعَّبَتْ وَتَفَرَّقَتْ عَرَفَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّ الْحَقَّ لَا يتفرّق" (٧).

وعن عكرمة (٨): {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} يَعْنِي فِي الْأَهْوَاءِ، {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} هم أهل السنة" (٩).


=وما ورد من الأحاديث الدالّة على أن الله لا يعذّب هذه الأمة بما عذب به من قبلها. انظر فتح الباري لابن حجر (٨/ ٢٩١).
(١) سورة هود، آية (١١٨ ـ ١١٩).
(٢) في (ط): "فإن أهل الحق".
(٣) رواه عنه الإمام ابن جرير في تفسيره (١٢/ ١٤١)، وذكره ابن عبد البر في الجامع (١٧٥٣)، وعزاه السيوطي أيضاً لأبي الشيخ. انظر الدر المنثور (٤/ ٤٩١).
(٤) في (م): "روى" بدون الواو.
(٥) هو مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري البصري، الإمام، القدوة، كان ثقة، عابداً، فاضلاً، حدّث عن أبيه رضي الله عنه وعدد من الصحابة، مات سنة ست وثمانين وقيل غير ذلك.
انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٨٧)، تهذيب التهذيب (١٠/ ١٧٣)، شذرات الذهب (١/ ١١٠).
(٦) ساقطة من (ط).
(٧) رواه عنه الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٤٩)، وذكره ابن عبد البر في الجامع (١٧٥٢).
(٨) هو أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله القرشي، مولاهم، وهو مولى ابن عباس، وأصله بربري، ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، قد روى عن عدد من الصحابة، ولم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة. توفي سنة أربع ومائة، وقيل غير ذلك.
انظر: تهذيب التهذيب (٧/ ٢٦٣)، شذرات الذهب (١/ ١٣٠)، الجرح والتعديل (٧/ ٧).
(٩) لم أجده بلفظه، وإنما روى عنه ابن جرير عند الآية قوله: "لا يزالون مختلفين في الهوى"، انظر تفسير ابن جرير (١٢/ ١٤٢)، وسنن سعيد بن منصور (٥/ ٣٦٨)، وتفسير ابن أبي حاتم (١١٢٨٩).