للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخسرين أعمالاً؟ قال: "أنت وأصحابك (١) ". فَقُتِلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ يَوْمَ الْخَوَارِجِ (٢).

وَنَقَلَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَهُ (٣) فَقَالَ: (أَنْتُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ، وَأَهْلُ الرِّيَاءِ، وَالَّذِينَ يُحْبِطُونَ الصَّنِيعَةَ بِالْمِنَّةِ (٤).

فَالرِّوَايَةُ الْأُولَى (٥) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ حَرُورَاءَ بَعْضُ مَنْ شَمِلَتْهُ الْآيَةُ وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِهِمْ: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (٦)، فوصفهم (٧) بِالضَّلَالِ مَعَ ظَنِّ الِاهْتِدَاءِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُمُ الْمُبْتَدِعُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ عُمُومًا، كَانُوا مِنْ أَهْلِ الكتاب أو لا (٨)، من حيث قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" (٩). وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ (١٠).

فَقَدْ يَجْتَمِعُ التفسيران في الآية، تفسير سعد رضي الله عنه بأنهم اليهود والنصارى، وتفسير علي رضي الله عنه بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ، لِأَنَّهُمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى الابتداع. ولذلك فسر سعد (١١) كُفْرَ النَّصَارَى بِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا فِي الْجَنَّةِ غَيْرَ مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ التَّأْوِيلُ بِالرَّأْيِ (١٢).

فَاجْتَمَعَتِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ (١٣) عَلَى (١٤) ذَمِّ الْبِدْعَةِ وَأَهْلِهَا (١٥)، وَأَشْعَرَ


(١) ساقطة من جميع النسخ عدا (غ) و (ر).
(٢) تقدم قريباً.
(٣) أي: سأله عن الآية المذكورة.
(٤) ذكر الماوردي في تفسيره مما قيل في الآية: أنهم من يصطنع المعروف ويمن عليه.
ولم يعزه. (٢/ ٥١٠).
(٥) هي رواية أبي الطفيل عند عبد بن حميد. وتقدمت (ص١٠٦).
(٦) سورة الكهف: آية (١٠٤).
(٧) في (ط): "وصفهم".
(٨) في (ت): "أولى".
(٩) سيذكر المؤلف الحديث بتمامه (ص١١٥)، وسأذكر تخريجه هناك.
(١٠) تكلم المؤلف عن هذا المعنى في آخر فصل من فصول الباب الثاني (ص٢٥٥).
(١١) ساقطة من جميع النسخ عدا (غ).
(١٢) في (ر): "غير ما هو عليه، وهو التأويل بالرأي".
(١٣) وهي آية البقرة: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} (٢٧)، وآية الكهف {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرَينِ أَعْمَالاً *} (١٠٣)، وآية الصف {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (٥). وقد تقدم استشهاد سعد وعلي رضي الله عنهما بتلك الآيات.
(١٤) ساقطة من (م).
(١٥) ساقطة من (ط).