للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَى أَسْرَعَ النَّاسِ رِدَّةً (١) أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ (٢): {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (٣) الآية (٤).

وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ (٥) عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ (٦) أَنَّهُ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْجَوْزَاءِ بِيَدِهِ لِأَنْ تَمْتَلِئَ دَارِي قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُجَاوِرَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلَقَدْ دَخَلُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {هَا أَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (٧)) (٨).

وَالْآيَاتُ الْمُصَرِّحَةُ وَالْمُشِيرَةُ إِلَى ذَمِّهِمْ وَالنَّهْيِ عَنْ مُلَابَسَةِ أَحْوَالِهِمْ كَثِيرَةٌ. فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَفِيهِ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ الْمَوْعِظَةُ لِمَنِ اتَّعَظَ، والشفاء لما في الصدور.


(١) عير واضحة في (ت).
(٢) في (ت): "أهل الأهواء".
(٣) سورة الأنعام: آية (٦٨).
(٤) أخرجه الآجري في الشريعة (٢/ ٨٨٩) دون قوله: "قال ابن عون .. ". رواه الإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى، باب التحذير من قوم يمرضون القلوب، عن ابن عون، قال: كان محمد يرى .. وذكره (٢/ ٤٣١). وأخرج ابن أبي حاتم في التفسير (٤/ ٧٤٢٨) الشطر الثاني منه، وذكره الذهبي في السير (٤/ ٦١٠)، وذكره الإمام السيوطي في الدر المنثور عن ابن سيرين، وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ. انظر الدر المنثور (٣/ ٢٩٢).
(٥) تقدمت ترجمته (ص٧٨).
(٦) هو أوس بن عبد الله الربعي البصري، ثقة، من كبار العلماء، حدث عن عائشة وابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، وكان أحد العباد الذين قاموا على الحجاج، فقيل: إنه قتل يوم الجماجم سنة ثلاث وثمانين.
انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٧١)، تهذيب التهذيب (١/ ٣٨٣)، شذرات الذهب (١/ ٩٣).
(٧) سورة آل عمران: آية (١١٩).
(٨) انظر: الشريعة (٥/ ٢٥٤٨ ـ ٢٥٤٩) ورواه الإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى، باب التحذير من صحبة قوم يمرضون القلوب ويفسدون الإيمان عن أبي الجوزاء وذكره بلفظين متقاربين أحدهما لفظ المؤلف. انظر الإبانة الكبرى (٢/ ٤٦٨ ـ ٤٦٩). ورواه الإمام اللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة، سياق ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في النهي عن مناظرة أهل البدع .. وذكره بلفظ أخصر من لفظ المؤلف، وليس فيه الاستشهاد بالآية (١/ ١٣١)، وذكره الذهبي في السير (٤/ ٣٧٢).