للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَخَرَّجَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: (مَنْ أَحْدَثَ رَأْيًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ) (١).

وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا: (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا (٢) الْقُرْآنُ، حَتَّى يَأْخُذَهُ (٣) الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالرَّجُلُ (٤) وَالْمَرْأَةُ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟! مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ، وَأُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيمِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ).

قَالَ الرَّاوِي: قلت (٥) لمعاذ رضي الله عنه: وَمَا (٦) يُدْرِينِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يقول كلمة الضلالة (٧)، وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟ قَالَ: "بلى، اجتنب من كلام الحكيم الْمُشْتَهِرَاتِ (٨) الَّتِي يُقَالُ فِيهَا (٩): مَا هَذِهِ؟ وَلَا يَثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ، وَتَلَقَّ الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتَهُ فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا" (١٠).

وَفِي رِوَايَةٍ مَكَانَ "الْمُشْتَهِرَاتِ" "الْمُشْتَبِهَاتِ" (١١)، وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ مَا تَشَابَهَ عَلَيْكَ مِنْ قَوْلٍ حَتَّى يقال: ما أراد بهذه الكلمة؟.


(١) رواه عنه رضي الله عنه الإمام الدارمي في المقدمة من سننه، باب الفتيا وما فيه من الشدة (١/ ٦٩)، والإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها، باب تغير البدع (ص٤٥)، والبيهقي في المدخل (١٩٠)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ١٨٣).
(٢) في (م) و (خ) و (ط): "فيه"، والمثبت موافق لما ورد في مراجع الأثر.
(٣) في (ت): "يأخذ".
(٤) ساقطة من (ت).
(٦) (٥) ساقطة من (ت).
(٧) في (ط): "ضلالة" غير معرفة.
(٨) في (ط): "غير المشتهرات".
(٩) ساقطة من (م) و (ت). ولفظ أبي داود "لها".
(١٠) تقدم تخريجه في الباب الأول (ص٧٩).
(١١) هي رواية صالح بن كيسان عن الزهري كما في سنن أبي داود (٤/ ٢٠١)، وفي بعض المصادر "اجتنب من كلام الحكيم كل متشابه".