للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (١) النَّصْرَابَاذِيُّ (٢): (أَصْلُ التَّصَوُّفِ مُلَازَمَةُ الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع (٣)، وَتَعْظِيمُ حُرُمَاتِ الْمَشَايِخِ، وَرُؤْيَةُ أَعْذَارِ الْخَلْقِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْأَوْرَادِ، وَتَرْكُ ارْتِكَابِ الرُّخَصِ (٤) وَالتَّأْوِيلَاتِ) (٥).

وَكَلَامُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ (٦).

وَقَدْ نَقَلْنَا عَنْ جُمْلَةٍ مِمَّنِ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ يَنِيفُ (٧) عَلَى الْأَرْبَعِينَ شَيْخًا، جَمِيعُهُمْ يُشِيرُ أَوْ يُصَرِّحُ (٨) بِأَنَّ الِابْتِدَاعَ ضَلَالٌ، وَالسُّلُوكَ عَلَيْهِ تِيهٌ، وَاسْتِعْمَالُهُ (٩) رَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ، وَأَنَّهُ مُنَافٍ لِطَلَبِ النَّجَاةِ، وَصَاحِبُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَمَوْكُولٌ إِلَى نَفْسِهِ (١٠)، وَمَطْرُودٌ عَنْ نَيْلِ الْحِكْمَةِ.

وَأَنَّ الصُّوفِيَّةَ الَّذِينَ نُسِبَتْ إِلَيْهِمُ الطَّرِيقَةُ مُجْمِعُونَ عَلَى تَعْظِيمِ الشَّرِيعَةِ مُقِيمُونَ عَلَى مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ، غَيْرُ مُخِلِّينَ بِشَيْءٍ مِنْ آدَابِهَا، أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا، وَلِذَلِكَ لَا نَجِدُ (١١) منهم من ينسب (١٢) إلى فرقة (١٣) مِنَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ وَلَا مَنْ يَمِيلُ إِلَى خِلَافِ السُّنَّةِ، وَأَكْثَرُ مَنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ عُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ وَمُحَدِّثُونَ، وَمِمَّنْ يُؤْخَذُ عَنْهُ الدِّينُ أُصُولًا وفروعاً، ومن لم يكن


(١) ساقطة من (ت).
(٢) هو أبو القاسم إبراهيم بن محمد النصراباذي، شيخ الصوفية بخراسان في وقته، سمع أبا العباس السراح وابن خزيمة وغيرهما، وحدث عنه الحاكم والسلمي وجماعة، كان يرجع إلى أنواع من العلوم: من حفظ السير وجمعها، وعلوم التواريخ وغيرها. مات في مكة مجاوراً سنة سبع وستين وثلاثمائة.
انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص٤٨٤)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦/ ٢٦٣)، الرسالة القشيرية للقشيري (ص٣٩)، طبقات الشعراني (١/ ١٤٤).
(٣) في (ط): "البدع والأهواء".
(٤) سوف تذكر مسألة اجتناب الصوفية للرخص في نهاية الباب الثالث وأنها مخالفة للسنة. انظر (ص٣٩٤ ـ ٣٩٥).
(٥) انظر قوله في الطبقات للسلمي (ص٤٨٨)، ولفظه هناك أطول، وفي الرسالة القشيرية (ص٣٩).
(٦) ساقطة من (غ).
(٧) في (ر): "نيفت".
(٨) في (خ): "يوح".
(٩) غير واضحة في (ت).
(١٠) غير واضحة في (ت).
(١١) في (ت): "تجد".
(١٢) في (ت): "من ينسب منهم".
(١٣) في (ت): "فرق".