للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَاءَ فِي الشَّرْعِ أَصْلُ سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَهُوَ مَنْعُ الْجَائِزِ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إِلَى غَيْرِ الْجَائِزِ.

وَبِحَسَبِ عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فِي الْمَمْنُوعِ يَكُونُ اتِّسَاعُ الْمَنْعِ فِي الذَّرِيعَةِ وَشِدَّتُهُ.

وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ يُبَيِّنُ لَكَ عِظَمَ الْمَفْسَدَةِ فِي الِابْتِدَاعِ، فَالْحَوْمُ حَوْلَ حِمَاهُ يَتَّسِعُ جِدًّا، وَلِذَلِكَ تَنَصَّلَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ جَارِيًا عَلَى الطَّرِيقَةِ، فَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُتْيَا بِهِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَسْأَلَةِ، وَحَكَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَعْجَلُوا بالبَلِيَّة قَبْلَ نُزُولِهَا، فَإِنَّكُمْ إن لا تفعلوا (١) تشتتت (٢) بِكُمُ الطُّرُقُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا" (٣).

وَصَحَّ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ (٤) وَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَعَفَا عَنْ (٥) أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ لَا عَنْ نِسْيَانٍ فلا تبحثوا عنها" (٦).


=كتاب البيوع، باب اجتناب الشبهات (٧/ ٢٤١)، والإمام أحمد في المسند (٤/ ٢٦٧، ٢٦٩، ٢٧٠)، والإمام الدارمي في كتاب البيوع في سننه، باب في الحلال بين ... برقم (٢٥٣٨)، (٢/ ٣١٩).
(١) هكذا في (ر) ومراجع الأثر، وفي بقية النسخ: "إن تفعلوا".
(٢) في (ط) و (ت): "تشتت".
(٣) أخرجه الإمام الدارمي في المقدمة من سننه، باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة عن وهب بن عمرو الجمحي مرفوعاً (١/ ٦١)، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم عن معاذ مرفوعاً (٢/ ١٤٢)، ورواه الإمام ابن بطة في الإبانة الكبرى عن معاذ مرفوعاً (١/ ٣٩٥)، ورواه أبو داود في المراسيل مرفوعاً عن معاذ (ص٢٢٤)، وذكره البيهقي في المدخل (ص٢٢٦ ـ ٢٢٧)، ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه موقوفاً على معاذ (٢/ ١٢)، وروى الموقوف أيضاً الإمام الدارمي في سننه، باب من هاب الفتيا (١/ ٦٨)، وقال الإمام ابن حجر في الفتح بعد ذكره عن أبي سلمة مرفوعاً وعن معاذ: وهما مرسلان يقوي بعض بعضا (١٣/ ٢٦٧ فتح)، وذكره ابن حجر في المطالب العالية (٣/ ١٠٦) وقال أبو حبيب الرحمن الأعظمي معلقاً عليه: قال البوصيري رواه إسحاق بإسناد حسن وأبو بكر بن أبي شيبة. انظر المطالب العالية (٣/ ١٠٦).
(٤) تقدم ذكر الحديث وتخريجه (ص١٩٨) هامش (٣).
(٥) ساقطة من (ت).
(٦) رواه الإمام الدارقطني في كتاب الرضاع من سننه عن أبي ثعلبة الخشني (٤/ ١٨٤) والإمام ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ١٣٦)، والإمام ابن بطة في الإبانة=